دخلت على معنى (ما) ، وحكي عن العرب : إنّي لبحمد الله لصالح (١).
فأمّا من شدّدها ففيها خمسة أوجه (٢) :
أحدها : أن المعنى : لممما ، فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت واحدة ووقع الإدغام ، قال الشاعر :
وإنّي لمّما أصدر الأمر وجهه |
|
إذا هو أعيا بالسبيل مصادره (٣) |
والثاني : أنها بمعنى (إلّا) كقول العرب : سألتك لمّا فعلت.
والثالث : أنّها مخففة شدّدت للتّأكيد ، وهو قول المازني.
والرابع : أنّها من (لممت الشّيء) إذا جمعته ، إلّا أنها بنيت على (فعلى) فلم تصرف مثل تترى.
والخامس : أن الزهري قرأ (لَمَّا) بالتّنوين (٤) بمعنى شديد ، و (كلّ) معرفة ؛ لأنها في نيّة الإضافة.
ومن سورة يوسف عليهالسلام
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف : ٢].
يسأل عن قوله : (قُرْآناً) بم انتصب؟
وفيه وجهان :
أحدهما : أنّه بدلّ من الهاء في (أَنْزَلْناهُ ،) كأنه قال : إنّا أنزلنا قرآنا عربيا (٥).
والثاني : أنّه توطئة للحال ؛ لأن (عَرَبِيًّا) حال ، وهذا كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، تنصب (صالحا) على الحال ، وتجعل (رجلا) توطئة للحال (٦).
وقوله تعالى : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ،) يعني : كي تعقلوا معاني القرآن ؛ لأنّه أنزل على
__________________
(١) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ٦ / ٧٥ ، وشرح ابن عقيل : ١ / ٣٧١.
(٢) ينظر في هذه المسألة : الكتاب : ١ / ٢٨٣ ، ٤٥٦ ، ومعاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٨ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١١٤ ـ ١١٥ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٧٤ ، ومجمع البيان : ٥ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠.
(٣) البيت من شواهد الطبري في جامع البيان : ١٢ / ١٦٠ ، والقرطبي في الجامع لإحكام القرآن : ٩ / ١٠٥.
(٤) مختصر شواذ القراءات : ٦١.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٧١ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ٢ / ٤٨.
(٦) إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١١٩ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ٣٧٧.