وقال أحمد بن سالم (١) : المعنى في أهل النّار خالدين فيها ما دامت سموات أهل النّار وأرضهم ، وكذلك في أهل الجنّة ما دامت سمواتهم وأرضهم ، قال : وسماء الجنّة العرش والكرسي. وقد أشبعت القول على هاتين الآيتين في كتاب (متخيّر الفريد) (٢).
وقرأ الكسائيّ وحمزة وحفص عن عاصم (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) [هود : ١٠٨] بضمّ السّين ، وقرأ الباقون سعِدُوا بفتحها (٣) ، وفي ضمّ السّين بعد ، ومجازه : أنّه استعمل على حذف الزّيادة [٤٢ / و] وعلى هذا قالوا : (مسعود) وإنّما هو من أسعده الله ، وقالوا (محبوب) وحقّه أن يقال : (محبّ).
قال عنترة (٤) :
ولقد نزلت فلا تظنّي غيره |
|
منّي بمنزلة المحبّ المكرم |
وهذا وإن كان الأصل فمحبوب أكثر في الاستعمال ، وزعم بعضهم : أن (سعد) يتعدى ولذلك بناه لما يسمّ فاعله ؛ لأنّ اللازم لا يجوز رده إلى ما لم يسمّ فاعله (٥).
قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) [هود : ١١١].
قرأ ابن كثير ونافع وَإِن كُلًّا بالتّخفيف على أنّهما أعملا (إن) مخففة كعملها مثقّلة ، وقرأ ابن عامر بتشديد (إِنَ) على الأصل ، وكذلك حمزة وحفص عن عاصم ، وقرأ أبو عمرو والكسائي كذلك إلّا أنّهما خففا الميم ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بتخفيف (إن) وتشديد الميم (٦).
وهذه اللام (٧) لام القسم دخلت على (ما) التي للتّوكيد ، وقيل : هي لام الابتداء
__________________
(١) أبو سمرة (ت ٢٥٣ ه). ينظر ميزان الاعتدال : ١ / ٩٩. وينظر القول في الجامع لأحكام القرآن : ٩ / ٩٩ ، والجواهر الحسان : ٥ / ٣٩١.
(٢) لم أقف على ذكر هذا الكتاب المهم.
(٣) ينظر المبسوط : ٢٤٢ ، والعنوان : ١٠٨.
(٤) البيت من معلقته المشهورة ، وهو من شواهد ابن جني في الخصائص : ٢ / ٢١٦ ، والاسترابادي في شرح الشافية : ١ / ١١٦ ، وابن منظور في اللسان : ١ / ٢٨٩ (حبب).
(٥) وضح وجه القراءتين ابن خالويه في الحجة في علل القراءات السبع : ١٩٠ ، والفارسي في الحجة في القراءات : ٤ / ٣٧٨ ، وأبو زرعة في حجة القراءات : ٣٤٩ ـ ٣٥٠.
(٦) المبسوط : ٢٤٢ ، والإتحاف : ٢٦٠.
(٧) ينظر اللّامات للزجاجي : ١١٧.