ومن سورة هود عليهالسلام
[٣٨ / ظ] قوله تعالى : (قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) [هود : ٤٣]
معنى آوي : أنضمّ ، والعصمة : المنع (١).
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم دعاه إلى الركوب معه وقد نهي أن يركب معه كافر؟
والجواب : أن الحسن قال : كان منافقا يظاهر بالإيمان ، وقال غيره : دعاه على شريطة الإيمان (٢).
ويسأل عن قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ؟) وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن يكون استثناء منقطعا ، كأنه قال : لكن من رحم معصوم (٣).
والثاني : أن يكون المعنى : لا عاصم إلا من رحمنا ، كأنه في التقدير : لا عاصم إلا الله (٤).
والثالث : أن يكون المعنى : لا عاصم إلا من رحمهالله فنجّاه ، وهو نوح عليهالسلام (٥).
وقيل (عاصم) هاهنا بمعنى معصوم (٦) ، والتّقدير على هذا : لا معصوم من أمر الله إلّا من رحمهالله ، و (فاعل) قد يأتي في معنى (مفعول) ، وعلى هذا قوله تعالى : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ،) وقال الحطيئة (٧) :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فإنّك أنت الطّاعم الكاسي |
و (عاصم) مع (لا) بمنزلة اسم واحد مبني على الفتح لتضمّنه معنى (من) ؛ لأن هذا جواب (هل من عاصم) وحق الجواب أن يكون وفق السؤال ، فكان يجب أن يكون (لا
__________________
(١) العين : ١ / ٣١٣ (عصم).
(٢) أحكام القرآن : ٣ / ٢١٣.
(٣) هذا رأي سيبويه : ١ / ٣٦٦ ، والفراء في معاني القرآن : ٢ / ١٥.
(٤) إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٩٣.
(٥) معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣٥٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٤٥.
(٦) ممن قال بهذا : ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٢٩٦ ، وكراع النمل في المنتخب : ٢ / ٥٨٩ ، وابن فارس في الصاحبي : ٣٦٦.
(٧) ديوانه : ١٠٨. وهو من شواهد الجوهري في الصحاح : ٤ / ١٤٧٨ (ذرق) ، والجرجاني في دلائل الإعجاز : ٤٧١.