والجواب : أنّهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرار بن ربيعة (١) ، وقال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة وجابر : هؤلاء الثلاثة من الأنصار (٢).
ويسأل عن قوله : (خُلِّفُوا) عن ما ذا خلّفوا؟ والجواب : أنّ مجاهدا قال : خلفوا عن التوبة (٣) ، وقال قتادة : خلّفوا عن غزوة تبوك (٤). والظّن هاهنا بمعنى اليقين (٥) ، ومثله قول دريد بن الصّمّة :
قلت لهم ظنّوا بألفي مدجّج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد (٦) |
ومن سورة يونس
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) [يونس : ٢٧].
الكسب : اجتلاب النّفع ، والجزاء المكافأة ، والسيئة : نقيض الحسنة.
ويسأل عن ارتفاع (جَزاءُ؟)
وفيه وجهان :
أحدهما : أن يكون مبتدأ والخبر (بِمِثْلِها) على زيادة الباء ، وهذا قول أبي الحسن (٧) ؛ لأنّه وجد في مكان آخر (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠] ، ويجوز أن تكون الباء متعلقة بخبر محذوف تقديره : وجزاء سيئة كائن بمثلها ، ثم حذفت كما تقول : إنما أنا بك وأمري بيدك وما أشبه ذلك.
والثاني : أن يكون فاعلا بإضمار فعل تقديره : استقر لهم جزاء سيئة بمثلها ثم حذفت (استقر) فبقي (لهم جزاء سيئة بمثلها) ثم حذفت (لهم) لدلالة الكلام على أن
__________________
(١) السيرة النبوية لابن هشام : ٤ / ٩٥٧ ، وعيون الأثر : ٢ / ٢٥٤.
(٢) جامع البيان : ١١ / ٣١.
(٣) جامع البيان : ١١ / ٣٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ٢٦٤ ، والدر المنثور : ٣ / ٢٨٩.
(٤) أحكام القرآن : ٣ / ٢٠٣ ، وزاد المسير : ٣ / ٣٤٨.
(٥) الوجوه والنظائر لهارون : ٣٧٤ ، والفروق اللغوية : ٣٠٣.
(٦) البيت من مرثيه ابن الصّمة لأخيه في الأصمعيات : ١٠٧ ، وجمهرة أشعار العرب : ٢٧٤ ، وهو من شواهد الزّجاجي في الجمل : ١٩٩ ، وابن جني في المحتسب : ٢ / ٣٤٢. وينظر ترجمة ابن الصّمة في جمهرة أشعار العرب : ٢٧٣ ، والشعر والشعراء : ٥٠٦.
(٧) أي الأخفش ، فهذا رأيه في معاني القرآن : ٢ / ٣٤٣.