خبر كان ، ومثل ذلك : (وَلكِنْ كانُوا هُمُ
الظَّالِمِينَ) [الزخرف : ٧٦] ، وقرئ ولكن كانوا هم الظالمون وكذلك قوله : (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ
الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [المائدة : ١١٧] و (كُنْتَ أَنْتَ
الرَّقِيبَ) على ما فسّرنا.
ومن سورة التّوبة
يقال : لم لم
تستفتح (براءة) ب : (بسم الله الرحمن الرحيم؟)
وفي هذا جوابان
:
أحدهما : أنّها
ضمّت إلى (الأنفال) بالمقاربة ، فصارتا كسورة واحدة ، إذ الأوّلى في ذكر العهود ،
والثانية في رفع العهود ، وهذا يروى عن أبي بن كعب ، ويروى عن ابن عباس أنّه قال : قلت لعثمان بن عفان :
ما حملكم على أن عمدتّم إلى (براءة) وهي من المئين وإلى (الأنفال) وهي من المثاني
فجعلتموها في السّبع الطوال ، ولم تكتبوا بينهما (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)؟ فقال عثمان : كان النّبي صلىاللهعليهوسلم تنزل عليه الآيات ، فيدعو بعض من يكتب له ، فيقول : (ضع
هذه الآيات في السّورة الّتي يذكر فيها كذا وكذا) وتنزل الآيات فيقول مثل ذلك ،
وكانت (الأنفال) من أوّل ما نزل من القرآن بالمدينة ، وكانت (براءة) من آخر ما
أنزل من القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننّا أنّها منها ، فمن هنا وضعناها
في السّبع الطوال ، ولم نكتب بينهما سطر (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
والجواب الثاني
: أن (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أمان ، (وبراءة) نزلت برفع الأمان ، وهذا قول أبي
العبّاس ، فلم تكتب في أوّلها ، وروى ابن عباس ذلك عن علي رضي الله عنهما.
__________________