علينا حجارة من السّماء أو إئتنا بعذاب أليم ، وأهلكنا ومحمدا ومن معه. فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال : ٣٣] أي : وفيهم قوم يستغفرون ، يعني المسلمين ، يدلّ على ذلك قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) [الأنفال : ٣٣] ، ثم قال : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) [الأنفال : ٣٤] خاصة (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) [الأنفال : ٣٤] ، يعني المسلمين ، فعذبهم الله بالسّيف بعد خروج النّبي عليهالسلام ، وفي ذلك نزلت : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) [المعارج : ١] ، وهذا معنى قول ابن عباس (١) وقال مجاهد في قوله : (وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) علم الله أنّ في أصلابهم من يستغفر (٢).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم طلبوا العذاب من الله تعالى بالحقّ ، وإنّما يطلب بالحقّ الخير والثواب والأجر؟
والجواب : أنّهم كانوا يعتقدون أنّ ما [٣٥ / ظ] جاء به النبي عليهالسلام ليس بحق من الله ، وإذا لم يكن كذلك لم يصبهم شيء (٣).
ويقال : لم قال : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ،) والإمطار لا يكون إلّا من السّماء؟.
وفي هذا جوابان :
أحدهما : أنّه يجوز أن يكون إمطار الحجارة من مكان عال دون السّماء.
والثاني : أنّه على طريق البيان ب : (من) (٤).
وقرئ : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَ) بالنّصب على أنّه خبر كان ، و (هو) فصل.
وقرئ : إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَق بالرّفع (٥) على أن (هو) مبتدأ ، والحقّ خبره ، والجملة
__________________
(١) تفسير ابن عباس : ٢٥٢.
(٢) ينظر تفسير مجاهد : ١ / ٢٦٢ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ١٥١.
(٣) النكت والعيون : ٢ / ٣١٣ ، والتبيان في تفسير القرآن : ٥ / ١١١ ، ومجمع البيان : ٤ / ٤٦٠.
(٤) ينظر بحر العلوم : ٢ / ١٦ ، ومجمع البيان : ٤ / ٤٦٠.
(٥) ينظر المختصر في شواذ القراءات : ٤٩ ، والإتحاف : ٢٣٦ وفيه هي قراءة المطوعي.