يسأل عن الكاف هاهنا ، ما شبّه بها؟
وعن ذلك ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ المعنى : قل الأنفال لله والرسول مع مشقّته عليهم ؛ لأنّه أصلح لهم كما أخرجك ربّك من بيتك بالحق مع كراهتهم ؛ لأنّه أصلح لهم.
والثاني : أنّ المعنى : هذا الحق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق.
والثالث : أنّ المعنى : يجادلونك في الحق متكرّهين كما تكرّهوا إخراجك من بيتك بالحق. وهذه الأقوال كلها عن أصحاب المعاني (١).
وزعم بعضهم : أنّ (الكاف) بمعنى (الباء) ، أي : بما أخرجك ربّك ، وهذا لا يعرف (٢).
فصل :
ويسأل : بما تتعلق (الكاف)؟
والجواب : أنّها تتعلق بما دلّ [٣٥ / و] عليه : (قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال : ١] ؛ لأنّ في هذا معنى بنزعها من أيديهم بالحقّ كما أخرجك ربّك من بيتك (٣).
وجواب ثان : وهو أن يكون التّقدير : يجادلونك في الحقّ كما كرهوا إخراجك في الحقّ ؛ لأنّ فيه هذا المعنى وإن قدم ذكر الإخراج.
وجواب ثالث : وهو أن يعمل فيه معنى الحقّ بتقدير : هذا الذّكر الحقّ كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ (٤).
ويقال : لم جاز أن يكره المؤمنون ما أمر الله تعالى به من الإخراج؟
وفيه جوابان :
أحدهما : أنّه تكرّه الطّباع من طريق المشقّة الّتي تلحق.
__________________
(١) فصّل في معنى (الكاف) النحاس في إعراب القرآن : ١ / ٦٦٥ ، وينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٤٠٣ ، ومجاز القرآن : ١ / ٢٤١ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣١٨ ، وتأويل مشكل القرآن : ٢٢٠ ، وجامع البيان : ٩ / ٢٤١.
(٢) ينظر مغني اللبيب : ١ / ١٧٧.
(٣) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٣٢٤ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٣ / ١٣١.
(٤) مشكل إعراب القرآن : ١ / ٣١٠.