ويدلّ عليه (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [الأنعام : ٢٨].
ويجوز أن يكون على إضمار مبتدأ ، أي : ونحن لا نكذّب (١).
قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام : ٣٨].
الدّابة : كل ما دبّ من الحيوان.
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم قال : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) وقد علم أن الطّائر لا يطير إلّا بجناحيه؟
والجواب : أن هذا إنّما جاء للتّوكيد ورفع اللّبس ؛ لأنّه قد يقول القائل : طر في حاجتي ، أي : أسرع فيها ، فجاء هذا التّوكيد لإزالة اللّبس ، وهو كما تقول : مشى برجليه (٢).
ومعنى قوله : (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ،) أي : في الحاجة وشدة الفاقة إلى مدبّر يدبرهم في أغذيتهم وكسبهم ونومهم ويقظتهم وما أشبه ذلك (٣).
ويسأل عن قوله : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ؟)
وفيه جوابان :
أحدهما : أنّه قد أتى فيه بكل ما يحتاج إليه العباد في أمور دينهم مجملا ومفصّلا.
والثاني : أنّه ذكر فيه جميع الاحتجاجات على مخالفيه (٤).
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [الأنعام : ٥٥]
يسأل : ما المشبّه وما المشبّه به في قوله : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ؟)
وفيه جوابان :
أحدهما : التّفصيل الّذي تقدّم في صفة المهتدين وصفة الضّالين شبّه بتفصيل الدّلائل
__________________
(١) الكتاب : ١ / ٤٢٦ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٤١٣ ، وشرح الرضي على الكافية : ٤ / ٧٣ ، والجامع لأحكام القرآن : ٦ / ٤٠٩.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٣٢ ، وتأويل المشكل : ٣٤٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٩٨ ، والخصائص : ٢ / ٢٦٩ ، والصاحبي : ٤٦٢ ، ومجمع البيان : ٤ / ٤٨.
(٣) ينظر بحر العلوم : ١ / ٤٨٣ ، ومعالم التنزيل : ٣ / ١٤٢ ، والجواهر الحسان : ٢ / ٤٦٢.
(٤) ينظر جامع البيان : ٧ / ٢٤٧ ، والجامع لأحكام القرآن : ٦ / ٤٢٠ ، وتفسير القرآن العظيم : ٣ / ١٣٥.