جعل (أَنْتَ) مبتدأ و (الرَّقِيبَ) الخبر والجملة خبر (كان) ، ومثله قول قيس بن ذريح (١) :
تبكي على لبنى وأنت تركتها |
|
وكنت عليها بالملا أنت أقدر |
فإن تكن الدّنيا بلبنى تغيّرت |
|
فللدّهر والدّنيا بطون وأظهر |
ولا يدخل الفصل إلا بين معرفتين ، أو بين معرفة ونكرة تقارب المعرفة ، نحو : كنت أنت القائم ، وكنت أنت خيرا منه (٢).
من سورة الأنعام
قوله تعالى : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) [الأنعام : ٣].
يسأل عن العامل في الظّرف من قوله : (فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ؟).
وفي هذا جوابان :
أحدهما : أن (في) متعلقة بما دلّ عليه اسم الله عزوجل ؛ لأنّه وقع موقع (المدبر) كأنّه قال :
وهو المدبّر في السّموات وفي الأرض (٣).
والجواب الثاني : أن تكون (فِي) متعلقة بمحذوف ، كأنّه قال : وهو الله مدبّر في السّموات وفي الأرض (٤).
وقوله : (فِي الْأَرْضِ) معطوف على (فِي السَّماواتِ).
ويجوز فيه وجه آخر وهو أن يكون المعنى : وهو الله ملكه في السّموات ، وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم ، أي : ويعلم سرّكم وجهركم في الأرض ، ولا يجوز أن يتعلّق بالاستقرار ؛ لأن ذلك يؤدي إلى احتواء الأمكنة عليه والله تعالى لا تحتويه الأمكنة ولا الأزمنة (٥).
__________________
(١) من بني كنانة ، وهو أحد عشاق العرب المشهورين. الشعر والشعراء : ٤٢٢. استشهد بالبيت الأول سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٩٥ ، والمبرد في المقتضب : ٤ / ١٥٠ ، وينظر البيتان في الأغاني : ٩ / ٢١٧ ، وأمالي القالي : ٢ / ٣١٧ باختلاف الرواية.
(٢) ينظر شرح الرضي على الكافية : ٢ / ٤٥٩.
(٣) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٨٤ ، والبيان : ٣ / ٣١٣ ، والمجيد : (تحقيق : إبراهيم) : ٤.
(٤) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٥٣٦ ، وكشف المشكلات : ١ / ٤٢٤ ، ومجمع البيان : ٤ / ٩.
(٥) ينظر جامع البيان : ٧ / ١٩٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٨٤ ، وزاد المسير : ٣ / ٥.