قال أبو النّجم (١) :
ثمّ جزاه الله عنّا إذ جزى |
|
جنّات عدن في العلاليّ العلا |
يريد : إذا جزى.
فصل :
ويسأل عن قوله تعالى : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) [المائدة : ١١٦].
قال الزجاج المعنى : تعلم ما عندي ولا أعلم ما عندك (٢).
قال غيره (٣) : تعلم حقيقتي ولا أعلم حقيقتك مشاهدة.
وقيل : تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك الّتي هي نفسي ، يعني الّتي تملكها ، وحقيقة ذلك : تعلم ما أخفي ولا أعلم ما تخفي ، إلا أنّه ذكر النّفس على مزاوجة الكلام ؛ لأنّ ما تخفيه كأنّه إخفاء في النّفس (٤). وموضع (إذ) نصب ؛ لأنّها معطوفة على (إذ) الأولى ، فالعامل فيهما واحد ، ويجوز أن يكون عطف جملة على جملة (٥).
والألف في (أَأَنْتَ) تسمى ألف التّوبيخ ، ويجوز فيها ثلاثة أوجه :
التّحقيق في الهمزتين ، وتحقيق الأولى وتليين الثانية ، وتحقيقهما جميعا وإدخال ألف بينهما (٦) ، وقد شرحنا ذلك في سورة البقرة (٧).
قوله تعالى : (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : ١١٧]. الرّقيب : الحفيظ ، هذا قول السّدي وابن جريج وقتادة (٨). والمراقبة : في الأصل المراعاة.
__________________
(١) ديوانه : ٦٤ ، وهو من شواهد الطبري في جامع البيان : ٧ / ١٧٤ ، والماوردي في النكت والعيون : ٢ / ٨٧ ، والزبيدي في تاج العروس : ١٠ / ٤٢٤.
(٢) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٨٠.
(٣) القول للنحاس في معاني القرآن : ٢ / ٣٩٠.
(٤) ينظر جامع البيان : ٧ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، وحقائق التأويل : ٧٩ ، ومعالم التنزيل : ٣ / ١٢٢.
(٥) ينظر زاد المسير : ٢ / ٤٦٣ ، والبحر المحيط : ٤ / ٤١٥ ، والدر المصون : ٤ / ٥١١.
(٦) سر صناعة الإعراب : ٢ / ٧٢٣.
(٧) لعله عند قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة : ٦]. من الجزء الساقط.
(٨) معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٣٩١ ، واللسان : ١ / ٤٢٤ (رقب).