أحدها (١) : أن المعنى : هل يقدر ، وكان هذا في ابتداء أمرهم ، قبل أن تستحكم معرفتهم بالله تعالى ، وبما يجوز عليه من الصفات ، ولذلك أنكر عليهم عيسى عليهالسلام بقوله :
(اتَّقُوا اللهَ).
والثاني : أن المعنى : هل يفعل ، وهو قول الحسن ، وهو على طريق المجاز ، كما تقول : هل تستطيع أن تقوم معنا ، أي : هل تفعل (٢).
والثالث : أن المعنى : هل يستجيب لك ربّك (٣).
قال السّدي (٤) : هل يطيعك ربّك إن سألته؟ فهذا على أنّ (استطاع) بمعنى (أطاع) كما تقول : استجاب بمعنى أجاب ، وأنشد الأخفش (٥) :
وداع دعا :
يا من يجيب إلى النّدى |
|
فلم يستجبه عند ذاك مجيب (٦) |
وإنّما حكى سيبويه (أسطاع) في معنى (أطاع) بقطع الهمزة وزيادة السّين.
وقرأ الكسائي (٧) «هل تستطيع ربّك» بالتّاء ونصب (ربّك) والمعنى في هذه القراءة : هل تستدعي إجابة ربّك ، وأصله : هل تستدعي طاعته فيما تسأل من هذا ، وهذا قول الزجاج (٨).
وقيل معناه : هل تقدر أن تسأل ربّك (٩).
وموضع (إذ) من الإعراب نصب ، والعامل فيها (أوحيت) (١٠) ويجوز أن يكون العامل : اذكر إذ قال الحواريون.
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٣٨٥.
(٢) معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٢٥ ، ومجمع البيان : ٣ / ٤٥٠.
(٣) جامع البيان : ٧ / ١٤٧ ، والبيان في تفسير القرآن : ٤ / ٥٩.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ٦ / ٣٦٤.
(٥) معاني القرآن للأخفش : ١ / ٤٩.
(٦) البيت من مرثية كعب بن سعد الفنوي. ينظر الأصمعيات : ٩٥ ـ ٩٧ ، والنوادر : ٢١٨ ، ومجاز القرآن : ١ / ٦٧ ، والإقتضاب : ٣ / ٣٩٩.
(٧) السّبعة : ٢٤٩ ، ومعاني القراءات : ١ / ٣٤٣ ، والحجة لأبي علي الفارسي ٣ / ٢٧٣ ، والتيسر : ٨٣ ، والعنوان : ٨٨ ، وسراج القارئ : ٢٠٥.
(٨) معاني القرآن وإعرابه : ٢ / ١٧٨.
(٩) معاني القراءات : ١ / ٤٢٣.
(١٠) هذا قول الطبري في جامع البيان : ٧ / ١٧٣ ، وينظر التبيان : ١ / ٤٧٣.