وأما من قرأ بالياء ف (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) فاعلون ، والمفعول الأول ليحسبن محذوف لدلالة (يَبْخَلُونَ) عليه تقديره : ولا يحسبن الذين يبخلون البخل هو خيرا لهم (١) ، وهذا كما تقول العرب : من كذب كان شرا له ، أي : كان الكذب ، فحذف (الكذب) لدلالة (كذب) عليه ، ومثله :
إذا نهي السّفيه جرى إليه |
|
وخالف ، والسّفيه إلى خلاف (٢) |
أي : خالف إلى السفه.
فأما فتح السين وكسرها فلغتان (٣) ، ويروى أن الفتح لغة النبي صلىاللهعليهوسلم (٤).
ومن سورة النساء
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١].
يسأل عن معنى قوله : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ؟)
وفيه جوابان (٥) :
أحدهما : أن المعنى يسأل بعضكم بعضا بالله والرحم ، وهذا قول الحسن ومجاهد.
والثاني : أن المعنى : واتقوا الأرحام [٢٣ / ظ] أن تقطعوها ، وهذا قول ابن عباس وقتادة والسّدي والضحاك والربيع وابن زيد.
فصل :
ومما يسأل عنه أن يقال : ما وجه النصب في : (الْأَرْحامَ ،) قيل على الوجه الأول : يكون معطوفا على موضع (بِهِ ،) كأنه قال : وتذكرون الأرحام في التساؤل (٦).
الوجه الثاني : يكون معطوفا على اسم الله تعالى (٧). وقرأ حمزة «الأرحام» بالجر ،
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٤٨ ، ومجاز القرآن : ١ / ١١٠.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) قرأها بالتاء وكسر السين ابن كثير ونافع وأبو عمرو ، وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي ، وفتحها عاصم. السبعة : ١ / ٢٢٠ ، ٣٠٧ ، والحجة بي علي الفارسي : ١ / ١٧٢.
(٤) جزء فيه قراءات النبي صلىاللهعليهوسلم : ١ / ٨١.
(٥) تنظر هذه المسألة مفصلة في جامع البيان : ٤ / ٣٠٠ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٢ / ٨ ، وأحكام القرآن : ٢ / ٥٩.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢٥٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٢ / ٦ ، والمشكل في إعراب القرآن : ١ / ١٨٧.
(٧) تفسير سفيان الثوري : ٨٥ ، ومعاني القرآن للفراء : ١ / ٢٥٢ ومعاني القرآن للأخفش : ١ / ٢٢٤.