والجواب : أن مجاهدا وابن جريج وابن زيد وابن إسحاق قالوا : الديك والطاووس والغراب والحمام (١). أمر أن يقطعها أو يخلط ريشها بدمها ، ثم يفرقها على كل جبل جزءا جزءا.
وقرأ حمزة : فصرْهنَّ إِلَيْكَ وقرأ الباقون : (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) [البقرة : ٢٦٠] بالضم (٢).
وقد قلنا أن معنى : صر اقطع ، وهو قول ابن عباس (٣) ، وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد. وقال توبة بن الحمير (٤) :
أذنت لي الأسباب حتى بلغتها |
|
بنهضي وقد كاد ارتقائي يصورها. |
أي : يقطعها. وقال عطاء وابن زيد : المعنى اضممهنّ إليك (٥) ، وهذا من : صاره يصوره إذا أماله. قال الشاعر (٦) :
وجاءت خلعة دهسن صفايا |
|
يصور عنوقها أحوى زنيم |
يصف غنما وتيسا يعطف عنوقها.
فأما من قرأ بالكسر فيحتمل الوجهين المتقدمين (٧). قال بعض بني سليم :
وفرع يصير الجيد وحف كأنّه |
|
على اللّيت قنوان الكروم الدّوالح (٨) |
يريد : تميل الجيد (٩).
__________________
(١) معاني القرآن للنحاس : ١ / ٢٨٥ ، وزاد المسير : ١ / ٢٧٣ ، والجامع لأحكام القرآن : ٣ / ٣٠٠.
(٢) السبعة : ١٩٠ ، ومعاني القراءات ١ / ٢٢٤ ، والموضح : ٣٤٣.
(٣) تفسير ابن عباس : ١١٧.
(٤) من بني عقيل بن كعب بن ربيعة الخفاجي. الشعر والشعراء : ٢٩٤. ديوانه : ٣٢. وروايته فيه : (فمدت .. برفقي وقد كاد).
(٥) ينظر معاني القرآن للنحاس : ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
(٦) نسب أبو عبيدة هذا البيت في مجاز القرآن إلى المعلى بن جمال العبدي : ١ / ٨١ ، وبلا نسبة في معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٢٩٤ ، وهو في الأضداد للأصمعي : ١٨٧.
الخلعة : خيار المال ، الدهاس : لون الرمل ، ومن الرجال السهل الدمث. صفايا : عزاز. الزنيم : الذي له زنم في عنقه. الأحوى : التيس الذي به صفرة. ينظر اللسان : ١ / ٥٦٨ (طاب) ، و ٦ / ٨٩ (دهس).
(٧) ينظر القراءة وتوجيهها في مجاز القرآن : ١ / ٨٤ ، والمحتسب : ١ / ١٣٦ ، وفرائد النحو الوسيمة : ٥٤.
(٨) لم أقف على قائله ، وهو في جامع البيان : ٣ / ٧٤ ، والصحاح : ٢ / ٧١٨ (صبر). فرع وحف : شعر أسود حسن. اللسان : ٨ / ٢٤٩ (فرع). الليت : صفحة العنق. العين : / ١٣٥ (ليت). قنوان : جمع قنو ، عذق النخل بما فيه من الرطب ، واستعارة هنا لعناقيد العنب. اللسان : ١٥ / ٢٠٤ (قنا).
(٩) ينظر النكت والعيون : ١ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، ومعالم التنزيل : ٣٢٤.