والجواب : أن الحسن قال : المعنى أنه من الذين يستوجبون على الله الكرامة وحسن الثواب. فلما كان خلوص الثواب في الآخرة دون الدنيا وصفه بما ينبئ عن ذلك (١).
وفي هذه الآية دلالة على أن ملة نبينا صلىاللهعليهوسلم هي ملة إبراهيم عليهالسلام مع زيادات في ملة نبينا ، فبيّن أن الذين يرغبون من الكفار عن هذه الملة ، وهي تلك الملة قد سفهوا أنفسهم ، وهذا قول قتادة والربيع (٢).
قوله تعالى : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [البقرة : ١٣٢]
وصّى ، وأوصى ، وأمر ، وعهد بمعنى (٣).
ومما يسأل عنه : أن يقال : على ما يعود الهاء من (بِها؟)
والجواب فيه قولان :
أحدهما : أنها تعود على الملة وقد تقدم ذكرها ، وهو قول الزجاج (٤).
والثاني : أنها تعود على (الكلمة) التي هي أسلمت لرب العالمين ، قاله بعض أهل اللغة (٥).
ويسأل : بما ارتفع (يَعْقُوبُ؟)
والجواب. أن فيه قولين :
أحدهما : أنه معطوف على إبراهيم ، والتقدير : ووصى بها يعقوب ، وهذا معنى قول ابن عباس وقتادة (٦).
والثاني : أنه على الاستئناف ، أي : ووصى يعقوب أن يا بني ، والفرق بين التقديرين أن الأول لا إضمار فيه ؛ لأنه معطوف ، والثاني فيه إضمار (٧).
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن : ١ / ٤٧١ ، ومجمع البيان : ١ / ٣٩٦.
(٢) ينظر المصدران السابقان.
(٣) أوصى : قراءة ابن عامر ونافع ، ووصى : قراءة باقي السبعة. السبعة : ١٧١ ، والحجة في علل القراءات السبع : ٢ / ٢٢٧ ، وسراج القارئ : ١٥٧ ، وتقريب النشر : ٩٤.
(٤) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ١٨٤.
(٥) منهم : الطبري في جامع البيان : ١ / ٧٧٩ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ١٣٥ ، وابن كثير في تفسير القرآن العظيم : ١ / ١٩١.
(٦) ينظر في معاني القرآن للأخفش : ١ / ١٤٩ ، وإعراب القرآن لأبى طاهر : ٣٢٨.
(٧) ينظر في معاني القرآن للفراء : ١ / ٨٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ١ / ٢١٥.