ذلك يؤدي إلى الكذب ، والقرآن منزه عن ذلك (١).
ويقال : ما معنى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) وفيه جوابان :
أحدهما : أن يكون المعنى : بخير منها لكم في التّسهيل والتّيسير (٢) ، كالأمر بالقتال الذي سهل على المسلمين في قوله : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) [الأنفال : ٦٦] ، أو مثلها ، كالعبادة بالتوجه إلى الكعبة بعد ما كان إلى بيت المقدس (٣).
والثاني : أن يكون المعنى بخير منها في الوقت الثاني ، أي : هي لكم في الوقت الثاني خير من الأولى لكم في الوقت الأول أو مثلها في ذلك ، وهو : معنى قول الحسن (٤) ، كأنّ الآية في الوقت الثاني في الدعاء إلى الطاعة والزجر عن المعصية مثل الآية الأولى في وقتها ، فيكون اللطف بالثانية كاللطف بالأولى ، إلا أنه في الوقت الثاني يستقيم بها دون الأول ، والجواب الأول معنى قول ابن عباس (٥).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) [البقرة : ١٣٠] يقال : رغبت في الشيء أحببته ، ورغبت عنه كرهته (٦) ، والملّة : الدين (٧).
وفي (إبراهيم) أربع لغات : إبراهيم ، وإبراهام ، وإبراهم ، وإبراهم (٨).
والاصطفاء : افتعال ، من الصفوة ، والطاء مبدلة من تاء الافتعال ؛ لأنّ الطاء تشبه الصاد في الاستعلاء والإطباق ، وهي من مخرج التاء ، فاختاروها ليكون العمل من جهة واحدة (٩). والسّفة : الخفة (١٠). والمعنى : ومن يمل عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه.
واختلف في (سَفِهَ نَفْسَهُ) [١٥ / ظ] ، فقال الأخفش (١١) : أهل التأويل يزعمون أن
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١ / ٦٧٢. والإحكام في أصول الأحكام : ٤ / ٤٤٩ ، ونواسخ القرآن : ٢٤٧.
(٢) معاني القرآن وإعرابه : ١ / ١٦٨ ، والنكت والعيون : ١ / ١٧١.
(٣) أحكام القرآن : ١ / ٧١ ، والتبيان في تفسير القرآن : ١ / ٣٩٧.
(٤) ينظر جامع البيان : ١ / ٦٧٢.
(٥) ينظر تفسير ابن عباس : ٨٥.
(٦) العين : ٤ / ٤١٣ (رغب) ، والصحاح : ١ / ١٣٧ (رغب).
(٧) الفروق اللغوية : ٥٠٩ ، واللسان : ١١ / ٦٣١ (ملة)
(٨) زاد المسير : ١ / ١٢٤ ، واللسان : ١٢ / ٤٨ (برهم).
(٩) جامع البيان : ١٧٧٧ ـ ٧٧٨. إعراب القرآن لأبى طاهر : ٣٢٧ ، واللسان : ١٤ / ٤٦٣ (صفا).
(١٠) اللسان : ١٣ / ٤٩٧ (سفه) ، وتاج العروس : ٩ / ٣٩١.
(١١) معاني القرآن للأخفش : ١ / ١٤٨.