يسميها ألف التّعجب ؛ كأنّ الملائكة تعجبت من ذلك (١).
وأمّا أنا فأرى أنّها ألف [١٠ / ظ] استرشاد ، كأن الملائكة استرشدت الله وسألته : ما وجه المصلحة في ذلك؟ (٢).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : من أين علمت الملائكة أنّهم يفسدون في الأرض (٣)؟
ففي هذا جوابان :
أحدهما : أنّ الله تعالى أعلمهم أنّه يكون من ذرية هذا الخليفة من يفسد في الأرض ويسفك الدّماء ، فاقتضى ذلك أن سألوا هذا السؤال ، وهذا معنى قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما.
والجواب الثّاني : أن الجن كانوا في الأرض ، فكفروا وأفسدوا وسفكوا الدّماء فلمّا أخبرهم الله تعالى أنّه جاعل في الأرض خليفة ، أحبوا أن يعلموا هل سبيله في ذلك سبيل من كان فيها من الجن.
وإلى القول الأول يذهب أهل النظر (٤) ، فإن قيل : فليس في القرآن إخبار بذلك قيل : هو محذوف ، اكتفى منه بدلالة الكلام ؛ إذ كانت الملائكة لا تعلم الغيب.
وقيل في قوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) [البقرة : ٣٠] أنه ناب عن الجواب الذي هو (نعم). وقيل معناه : إني أعلم من المصلحة والتّدبير ما لا تعلمون. وقيل معناه : إنّي أعلم ما لا تعلمون من أنّ ذلك الخليفة يكون من ذريته أهل طاعة وولاية ، وفيهم الأنبياء (٥).
وقيل : إني أعلم ما لا تعلمون من إضمار إبليس المعصية وانطوائه عليها (٦).
__________________
(١) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٨٥.
(٢) ينظر معاني الحروف : ٣٣ ، والتبيان في إعراب القرآن : ١ / ٤٦.
(٣) ينظر المسألة مفصلة في جامع البيان : ١ / ٢٨٩ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ١٠١ ـ ١٠٣ ، والكشاف : ١ / ١٥٤.
(٤) ينظر وضح البرهان : ١ / ١٢٥ ، والتفسير الكبير : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(٥) ينظر التبيان في إعراب القرآن : ١ / ٤٨ ، والكشاف : ١ / ١٥٤ ، والتفسير الكبير : ١٨٠ ـ ١٨١.
(٦) ينظر مجمع البيان : ١ / ١٥٧ ، والدر المنثور : ١ / ٤٦ ، والفتح القدير : ١ / ٦٤.