والحمل على القياس أولى من الحمل على الحذف الذي ليس بقياس؟ قيل له : إنّ ذلك لا يخلو من أن يكون على الحذف الذي ذكرناه وهو مذهب سيبويه (١) ، أو على الحذف القياسي وهو مذهب الفراء (*) ، وذلك أن الهمزة ... (٢).
[ومن سورة البقرة](٣)
[٥ / و] فصل :
(إذا) في الكلام على ثلاثة أوجه (٤) :
أحدها : أن يكون ظرفا زمانيا ، وفيها معنى الشرط ، ولا يعمل فيها إلّا جوابها ، نحو ما في هذه الآية من قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) [البقرة : ١٤].
فالعامل في إذا (قالُوا ؛) لأنّه الجواب ، ولا يجوز أن يعمل فيها (لَقُوا ؛) لأنّها في التّقدير مضافة إلى (لَقُوا) ولا يعمل المضاف إليه في المضاف. وكذا : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) [البقرة : ١٤].
والثاني : أن يكون ظرفا مكانيا ، نحو قولك : خرجت فإذا النّاس وقوف. ويجوز أن تنصب وقوفا على الحال ؛ لأنّ (إذا) ظرف مكان ، وظرف المكان يكون إخبارا عن الجثث (٥).
وهذه المسألة (٦) التي وقع الخلاف فيها بين سيبويه والكسائي (٧) لما اجتمعا عند يحيى ابن خالد بن برمك (٨).
__________________
(١) ينظر الكتاب : ٣ / ٤٩٨.
(*) ينظر معاني القرآن للفراء : ١ / ٢.
(٢) بعد هذه الصفحة يوجد سقط شمل بقية سورة الفاتحة وأول سورة البقرة حتى الآية الرابعة عشرة.
(٣) ما بين معقوفتين زيادة يقتضيها السياق.
(٤) ينظر في معاني (إذا) : الكتاب : ٤ / ٢٣٢ ، ومشكل إعراب القرآن : ٧٨٨ ، والأزهية : ٢١١ ، والمقتصد : ٢ / ١٠٩٦ ، والجنى الداني : ٣٦٠ واللباب في علوم الكتاب ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٥) ينظر هذه المسألة مفصلة في مجمع البيان : ١ / ١٠٣.
(٦) وتسمى المسألة الزنبورية ، قال الذهبي في السير : ٨ / ٣٥١ هي المناظرة بين سيبويه والكسائي والفراء وتسمى بمسألة الزنبور والنحلة عند يحيى البرمكي حول تأنيث أو تذكير النحلة أو الزنبور ، وقد كذبها الذهبي. والله أعلم. وينظر أمالي ابن الشجري : ١ / ٣٤٨ ـ ٣٥٠.
(٧) هو : علي بن حمزة ، أبو الحسن الأسدي ، المعروف بالكسائي (ت ١٨٩ ه) ينظر : نزهة الألباء : ٥٨ ، وأنباء الرواة : ٢ / ٢٥٦.
(٨) (ت ١٨٧ ه) ينظر تاريخ ابن الخياط : ٣٧٥ ، وتاريخ بغداد : ١٤ / ١٣٣.