الواجب أن لا يعل ؛ لأنّ الواو والياء إذا سكن ما قبلهما صحتا ، نحو : (صنو ، وقنو ، ونحي ، وظبي) وما أشبه ذلك. وقيل (١) : وزنه : (فعل) بضم الفاء ، وقيل : (فعل) بكسرها ، لقولهم : (سم ، وسم) ولم يسمع (سم) بفتح السّين. أنشد أبو زيد (٢) :
بسم الّذي في كلّ سورة سمه |
|
قد أخذت على طريق تعلمه |
يروى بضم السين وكسرها ، ثم حذفت الواو على غير قياس ، وكان يجب أن تقلب ألفا كما فعل في نحو : (ربا ، وعصا ، وعرا) ، وما أشبه ذلك ؛ لأنّ الواو والياء إذا تحركتا وأنفتح ما قبلهما قلبتا ألفا على كل حال ، إلّا أنّهم أرادوا أن يفرقوا بين المتثبث وغير المتثبث (٣) فالمتثبث ، نحو : أخ وأب ، لأنّك إذا ذكرت كل واحد منهما دلّ على نفسه وعلى معنى آخر. ألا ترى أنّك إذا ذكرت أبا دلّك على أب ، وإذا ذكرت أخا دلّك على أخ أو أخت. إلّا أن هذا المحذوف أتى على ضربين :
أحدها : لم يقع فيه عوض من المحذوف ، نحو : أب وأخ.
والثاني : عوض فيه من المحذوف همزة ، نحو : اسم وابن ، وهذه الأسماء التي دخلتها همزة الوصل [٤ / ظ] مضارعة للفعل ؛ لأنّها مفتقرة إلى غيرها ، فصارت. بمنزلة الفعل المفتقر إلى فاعله ، وأصل هذه الهمزة أن يكون في الأفعال فلما ضارعت هذه الأسماء الأفعال أسكنوا أوائلها ، وأدخلوا فيها همزات الوصل.
وفي (اسم) خمس لغات (٤) : يقال : (اسم) بكسر الهمزة ، و (اسم) بضمها في الابتداء و (سم) و (سم) و (سمى) بمنزلة هدى. هذه اللغة حكاها ابن الأعرابي (٥).
فأمّا ما أنشد أبو زيد من قول الشاعر (٦) :
__________________
(١) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ١ / ٤٥ ، والأنصاف : ١ / ٦ ، والتبيين عن مذاهب النحويين : ١٣٢.
(٢) هو سعيد بن أوس بن ثابت الأنصاري (ت ٢١٥ ه). ينظر طبقات النحويين واللغويين : ١٦٥ ، ونزهة الألباء : ١٠١ ، البيت لرجل من كلب على الأرجح كما ورد في النوادر لأبي زيد : ١٦٦ ، وهو من شواهد المقتضب : ١ / ٢٣٠ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ٤٥ ـ ٤٦.
(٣) ينظر مجاز القرآن : ١٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ٤٦ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ١٠ ، والتحرير والتنوير : ١ / ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٤) ينظر الإنصاف : ١ / ٦ ، وزاد المسير : ١ / ٥ ، وإملاء ما من به الرحمن : ١ / ٥ ، والمجيد (تحقيق : عبد الرزاق) : ٩.
(٥) وهو أبو عبد الله ، محمد بن زياد الأعرابي الكوفي (ت ٢٣١ ه) ، ينظر مراتب النحويين : ١٤٨ ، ونزهة الألباء : ١١٩.
(٦) النوادر لأبي زيد : ٤٦٢.