الرَّحِيمِ) الباء : بهاء الله ، السين : سناء الله ، والميم : ملك الله ، والله : الذي يأله إليه خلقه ، والرّحمن : قال (١) المترحم على خلقه : الرحيم بعباده فيما ابتدأهم به من كرامته (٢).
ويروى عنه أيضا ، أنه قال : الرحمن الرحيم اسمان رقيقان ، أحدهما أرقّ من الأخر (٣) ، وقيل : في الجمع بينهما أنّ الرحمن [٢ / ظ] أشدّ مبالغة ، والرّحيم أخصّ منه.
فالرّحمن لجميع الخلق ، والرّحيم للمؤمنين خاصة (٤). قال محمد بن يزيد (٥) : هو تفضل بعد تفضل ، وإنعام بعد إنعام ، ووعد لا يخيب آمله.
وأصل الرّحمة رقة في القلب ، والله تعالى لا يوصف بذلك ، إلّا أنّ معنى الرقة يؤول إلى الرضا ؛ لأنّ من رحمته فقد رضيت عنه. وإذا احتملت الكلمة معنيين : أحدهما يجوز عن الله ، والآخر لا يجوز عليه ، عدل إلى ما يجوز عليه.
ومثل ذلك همزة الاستفهام تأتي في غالب الأمر على جهل من المستفهم ، فإذا جاءت من الله عزوجل كانت تقريرا وتوبيخا ، نحو : (أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) [يونس : ٥٩] ، قال مقاتل بن سليمان (٦) في الاستفتاح : من حساب الجمل سبعمائة وسبع وثمانون سنة من مدة هذه الأمة.
قال الخليل (٧) : (بسم الله) افتتاح إيمان ويمن ، وحمد عاقبة ، ورحمة وبركة وثناء وتقرب إلى الله عزوجل ، ورغبة فيما عنده ، واستعانة ومحبة له ، علم الله عزوجل نبينا محمد عليهالسلام
__________________
(١) بحر العلوم : ١ / ٧٦.
(٢) يقول ابن كثير في هذا الحديث : وهذا غريب جدا ، وقد يكون صحيحا إلى من دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد يكون من الإسرائيليات لا من الموضوعات. ينظر تفسير القرآن العظيم : ١ / ٢١٩ ، والدر المنثور : ١ / ٨ ، و ٢ / ٢٦.
(٣) جامع البيان ١ / ٤٣ ، ومجمع البيان : ١ / ٥٢.
(٤) ينظر معجم الفروق اللغوية : ٣٥١ ، وتفسير القرآن العظيم : ١ / ٢٢.
(٥) وهو : أبو العباس المبرد. (ت ٢٨٦). ينظر طبقات النحويين واللغويين : ١٠١ ، ونزهة الألباء : ١٦٤ ، وينظر قوله في المقتضب : ٣ / ٢٢١.
(٦) أبو الحسن البلخي ، كبير المفسرين (ت ١٥٠ ه). ينظر الفهرست : ٢٢٧ ، وميزان الاعتدال : ٤ / ١٧٣. وينظر إحالة الطبرسي على قول ابن فضّال في مجمع البيان : ١ / ٧٦.
(٧) هو الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي. صاحب العربية والعروض (ت ١٧٥ ه). ينظر مراتب النحويين : ٢٧ ، ومعجم الأدباء : ١١ / ٧٢ ، وإنباه الرواة : ١ / ٣٤١ ، وبغية الوعاة : ١ / ٥٥٧. لم أقف على قول الخليل فيما توافر لي من مصادر.