فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَيُّ جِوَارٍ هَذَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ وَلَاذَ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَا كُنْتَ جَهُولاً وَسُمِّيَ نَبِيَّ الْمَلْحَمَةِ بِذَلِكَ.
ومن أسمائه صلی الله علیه وسلم الضحوك كما تقدم أنه ورد في التوراة وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ طِيبَ النَّفْسِ ـ : وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ دُعَابَةٌ (١) : وَقَالَ إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقّاً وَقَالَ لِعَجُوزٍ الْجَنَّةُ لَا تَدْخُلُهَا الْعُجُزُ فَبَكَتْ فَقَالَ إِنَّهُنَّ يَعُدْنَ أَبْكَاراً وروي عنه مثل هذا كثيرا ـ
وَكَانَ يَضْحَكُ حَتَّى يَبْدُو نَاجِذُهُ (٢) وقد ذكر الله سبحانه لينه ورفقه فقال (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (٣) وكذلك كانت صفته صلی الله علیه وسلم على كثرة من ينتابه (٤) من جفاة العرب وأجلاف البادية لا يراه أحد ذا ضجر ولا ذا جفاء ولكن لطيفا في المنطق رفيقا في المعاملات لينا عند الجوار كان وجهه إذا عبست الوجوه دارة القمر عند امتلاء نوره ص.
ومن أسمائه صلی الله علیه وسلم القتال سيفه على عاتقه سمي بذلك لحرصه على الجهاد ومسارعته إلى القراع ودأبه في ذات الله وعدم إحجامه ولذلك قَالَ عَلِيٌّ علیهما السلام كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَاهُ بِرَسُولِ اللهِ لَمْ يَكُنْ مِنَّا أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ وذلك مشهور من فعله صلی الله علیه وسلم يوم أحد إذ ذهب القوم في سمع الأرض وبصرها ويوم حنين إذ ولوا مدبرين وغير ذلك من أيامه صلی الله علیه وسلم حتى أذل بإذن الله صناديدهم وقتل طواغيتهم ودوخهم (٥) واصطلم جماهيرهم وكلفه الله القتال بنفسه فقال (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) (٦) فسمي القتال
________________
(١) الدعا بضم الدال : اللعب والمزاح.
(٢) الناجذ ـ واحد النواجذ ـ اقصى الاضراس وهى اربعة وهي اضراس الحلم لانها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل.
(٣) آل عمران : ١٥٩.
(٤) انتابه : قصده.
(٥) دوخ الرجل : ذلله وقهره.
(٦) النساء : ٨٤.