ومنها : كلام الذئب وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلاً (١) كَانَ فِي غَنَمِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ الذِّئْبُ شَاةً فَأَقْبَلَ يَعْدُو خَلْفَهُ فَطَرَحَهَا وَقَالَ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ تَمْنَعُنِي رِزْقاً سَاقَهُ اللهُ إِلَيَّ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا عَجَبَا لِلذِّئْبِ يَتَكَلَّمُ قَالَ أَنْتُمْ أَعْجَبُ وَفِي شَأْنِكُمْ عِبْرَةٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ هَذَا مُحَمَّدٌ صلی الله علیه وسلم يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ بِبَطْنِ مَكَّةَ وَأَنْتُمْ عَنْهُ لَاهُونَ فَأَبْصَرَ الرَّجُلُ رُشْدَهُ وَهَدَاهُ اللهُ وَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلی الله علیه وسلم وَأَبْقَى لِعَقِبِهِ شَرَفاً وَكَانُوا يُعْرَفُونَ بِبَنِي مُكَلَّمِ الذِّئْبِ.
ومنها : أَنَّهُ كَلَّمَهُ الذِّرَاعُ وَقَالَ إِنِّي مَسْمُومٌ وَذَلِكَ حِينَ أَهْدَتْهُ إِلَيْهِ الْيَهُودِيَّةُ وقصته معروفة.
ومنها : أنه أطعم من القليل الجم الغفير في غير موضع.
ومنها : أَنَّهُ شَكَا إِلَيْهِ قَوْمٌ مُلُوحَةَ بِئْرِهِمْ وَقِلَّةَ مَائِهَا وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَ مِنَ الظَّمَاءِ شِدَّةً فَتَفَلَ فِيهَا فَغَزُرَ مَاؤُهَا وَطَابَ وَعَذُبَ وَأَهْلُهَا يَفْخَرُونَ بِهَا وَيَتَوَارَثُونَهَا (٢).
[الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَالْجَمَّاءُ الْغَفِيرُ أَيْ جَمَاعَتُهُمُ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ الَّذِينَ لَا يُعْلَمُ عَدَدُهُمْ لِكَثْرَتِهِمُ].
ومنها : حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ وَذَلِكَ حِينَ شَكَا إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَدَعَا اللهَ فَمُطِرُوا حَتَّى أَشْفَقُوا مِنْ خَرَابِ دُورِهَا فَسَأَلُوهُ فِي كَشْفِهِ فَقَالَ اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا (٣) فَاسْتَدَارَ حَتَّى صَارَ كَالْإِكْلِيلِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِي الْمَدِينَةِ وَالْمَطَرُ يَجِيءُ عَلَى مَا حَوْلَهَا يَرَى ذَلِكَ مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ فَضَحِكَ صلی الله علیه وسلم وَقَالَ لِلَّهِ دَرُّ أَبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيّاً قَرَّتْ عَيْنَاهُ فَقَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ علیهما السلام وَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ كَأَنَّكَ تُرِيدُ قَوْلَهُ :
شِعْرٌ
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ |
|
ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ |
________________
(١) وفي رواية ابن شهر آشوب : ن ذلك الرجل هو أبو ذر رض الله عنه.
(٢) ولما ادعى مسيلمة النبوة أتته امرأة وطلبت منه ان يدعو الله لمئها ونخلها كما دعى محمد (صلی الله علیه وسلم) لهاذا القوم في بئرهم ففعل مسيلة مثل ما فعله رسول الله (صلی الله علیه وسلم) وتغل في البئر ففار ماؤها ويبس النخل.
(٣) قال الجرزى في حديث الاستسقاء : يريد اللهم انزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الابنية.