عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَ النَّبِيُّ صلی الله علیه وسلم آخِذاً بِيَدِ عَلِيٍّ علیهما السلام وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ علیهما السلام يَمْشِيَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفَاطِمَةُ تَمْشِي خَلْفَهُ فَسَأَلَ الْأُسْقُفُ عَنْهُمْ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّهِ وَهُوَ صِهْرُهُ وَأَبُو وُلْدِهِ وَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَهَذَانِ الطِّفْلَانِ ابْنَا بِنْتِهِ مِنْ عَلِيٍّ وَهُمَا أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَهَذِهِ الْجَارِيَةُ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ وَهِيَ أَعَزُّ النَّاسِ عِنْدَهُ وَأَقْرَبُهُمْ إِلَى قَلْبِهِ فَنَظَرَ الْأُسْقُفُ إِلَى الْعَاقِبِ وَالسَّيِّدِ وَعَبْدِ الْمَسِيحِ وَقَالَ لَهُمُ انْظُرُوا قَدْ جَاءَ بِخَاصَّتِهِ مِنْ وُلْدِهِ وَأَهْلِهِ لِيُبَاهِلَ بِهِمْ وَاثِقاً بِحَقِّهِ وَاللهِ مَا جَاءَ بِهِمْ وَهُوَ يَتَخَوَّفُ الْحُجَّةَ عَلَيْهِ فَاحْذَرُوا مُبَاهَلَتَهُ وَاللهِ لَوْ لَا مَكَانَةُ قَيْصَرَ لَأَسْلَمْتُ لَهُ وَلَكِنْ صَالِحُوهُ عَلَى مَا يَتَّفِقُ بَيْنَكُمْ وَارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ وَارْتَئُوا لِأَنْفُسِكُمْ (١) فَقَالُوا رَأْيُنَا لِرَأْيِكَ تَبَعٌ فَقَالَ الْأُسْقُفُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّا لَا نُبَاهِلُكَ وَلَكِنَّا نُصَالِحُكَ فَصَالِحْنَا عَلَى مَا نَنْهَضُ بِهِ فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَماً جِيَاداً فَمَا زَادَ أَوْ نَقَصَ كَانَ بِحِسَابِ ذَلِكَ وَكَتَبَ لَهُمْ بِهِ كِتَاباً.
ففي هذه القضية بيان لفضل علي علیهما السلام وظهور معجز النبي صلی الله علیه وسلم فإن النصارى علموا أنهم متى باهلوه حل بهم العذاب فقبلوا الصلح ودخلوا تحت الهدنة وإن الله تعالى أبان أن عليا هو نفس رسول الله كاشفا بذلك عن بلوغه نهاية الفضل ومساواته للنبي صلی الله علیه وسلم في الكمال والعصمة من الآثام وإن الله جعله وزوجته وولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه صلی الله علیه وسلم وبرهانا على دينه ونص على الحكم بأن الحسن والحسين أبناؤه وأن فاطمة علیهما السلام نساؤه والمتوجه إليهن الذكر والخطاب في الدعاء إلى المباهلة والاحتجاج وهذا فضل لم يشاركهم فيه أحد من الأمة ولا قاربهم.
ونقلت من كتاب الكشاف للزمخشري في تفسير هذه الآية ما صورته يقال بهله الله على الكاذب منا ومنكم والبهلة بالضم والفتح اللعنة وبهله الله لعنه وأبعده من رحمته من قولك أبهله إذا أهمله وناقة باهل لا صرار عليها.
قلت الصرار خيط يشد على خلفها لئلا يرضعها ولدها.
________________
(١) ارتاي الامر : نظرفيه وتدبر.