هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ع
. قوله سبحانه :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) يكون مجازا في اللغة لأن حقيقته أن يستعمل للحاجة والله تعالى (هُوَ الْغَنِيُ) ولا يجوز أن يملك الله تعالى لأنه مالك الأشياء من غير تمليك ولأن المالك لا يملك ما هو مالكه فيكون ذكر القرض في صفة الله تعالى تلطفا في الاستدعاء إلى الإنفاق في سبيل الله وهو كالقرض في مثله مع أضعافه وقوله (يُضاعِفْهُ لَكُمْ) أي يضاعف ثوابه لكم بأمثاله وقال متكلم ما سوى الله إما جسم أو عرض فالجسم مفتقر إلى الكون لا يوجد إلا معه والعرض مفتقر إلى الجسم لا يوجد إلا فيه فالأشياء كلها مفتقرة محتاجة والله هو الغني وحده احتاج اثنان إلى واحد ليصير ثلاثة وهكذا الثلاثة والأربعة وسائر الأعداد والواحد لا يحتاج إلى آخر ليصير واحدا فالخلق كلهم محتاجون إلى الله وهو الغني عنهم بَعْضُ الصَّادِقِينَ ع وَمَنَّ بِالنِّعَمِ أَوَّلاً بِجُودِهِ وَجُزْءاً بِعَدْلِهِ وَثَوَاباً بِلُطْفِهِ.
وقد بين الله تعالى أنه مريد وكاره في آيات منها قوله (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) وقال تعالى (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) ... (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) فمن المعلوم أنه لا يحبب إلا ما يحبه أو لا يكره إلا ما يكرهه وأنه إذا ألطف في تحبيب الإيمان بألطافه دل على ما نقوله في اللطف.
قوله سبحانه :
(وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) يدل على أن إرادة الله محدثة لأن الاستثناء يدل على ذلك لأنها لو كانت قديمة لم يجز هذا الاستثناء كما لا يجوز أن يقول القائل لا يدخل زيد في الدار إلا أن يقدر الله أو إلا أن يعلم الله لحصول هذه الصفات فيما لم يزل.
قوله سبحانه :
(وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) يدل على حدوث المشية لأنه لا يجوز