ولو قد قضى الله المعاصي بقولكم |
|
لمهد للاتي بها أوسع العذر |
ولم يعذر الأعمى بما قد قضى به |
|
عليه ولا أهل الزمانة والضر |
ولكنه لم يعذر السارق الذي |
|
تعدى ولا الزاني ولا شارب الخمر |
يكون معاصي الخلق جورا وباطلا |
|
ونسبة بارينا لذاك من النكر |
وحاشاه يبدأ باطلا في قضائه |
|
وقد قال يقضي الحق في محكم الذكر |
ولكن قضا الله فيها عقابه |
|
عليها وتعجيل النكال الذي يجري |
أيغضب مما قد قضاه مقدر |
|
له إن هذا ليس من قول ذي حجر |
فكيف يكون الحمد والذم لامرئ |
|
على فعله يلجأ إليها ولا يدري |
فصل
قوله تعالى (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) لم يقل قضينا عليهم أو قضينا فسادهم وإنما قال قضينا إليهم (فِي الْكِتابِ) فهذا القضاء مما حصل في التورية والقضاء بمعنى الخلق لا يحصل فيها ولا خلاف أنه لا يأمره وقال (لَتُفْسِدُنَ) فأضاف إليهم وأخبر أنهم يفعلون في المستقبل ومعناه أنه أخبرهم فيها بفسادهم مرتين يدل عليه (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) الْأَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُ لَمَّا قَدِمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مِنْ صِفِّينَ قَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِمَّنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِنَا هَذَا إِلَى الشَّامِ أَكَانَ بِقَضَاءٍ مِنَ اللهِ وَقَدَرٍ قَالَ نَعَمْ يَا أَهْلَ الشَّامِ وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا وَطِئْنَا مَوْطِئاً وَلَا هَبَطْنَا وَادِياً وَلَا عَلَوْنَا تَلْعَةً إِلَّا بِقَضَاءٍ مِنَ اللهِ وَقَدَرٍ فَقَالَ الشَّامِيُّ عِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ عَنَايَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا أَظُنُّ أَنَّ لِي أَجْراً فِي سَعْيٍ إِذَا كَانَ قَضَاءُ اللهِ عَلَيَّ وَقَدَرُهُ فَقَالَ ع إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْظَمَ لَكُمُ الْأَجْرَ فِي مَسِيرِكُمْ وَأَنْتُمْ سَائِرُونَ وَفِي مُنْصَرَفِكُمْ وَأَنْتُمْ مُنْصَرِفُونَ وَلَمْ تَكُونُوا فِي شَيْءٍ مِنْ رِحَالاتِكُمْ مُكْرَهِينَ وَلَا إِلَيْهَا مُضْطَرِّينَ وَلَا عَلَيْهَا مُجْبَرِينَ فَقَالَ الشَّامِيُّ كَيْفَ ذَاكَ وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ سَاقَانَا وَعَنْهُمَا كَانَ مَسِيرُنَا وَانْصِرَافُنَا فَقَالَ ع يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضَاءً لَازِماً وَقَدَراً حَتْماً وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ مِنَ اللهِ وَمَا كَانَ الْمُحْسِنُ بِثَوَابِ الْإِحْسَانِ أَوْلَى مِنَ الْمُسِيءِ وَلَا الْمُسِيءُ أَوْلَى بِعُقُوبَةِ الْمُذْنِبِينَ مِنَ الْمُحْسِنِ تِلْكَ مَقَالَةُ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ وَخُصَمَاءِ الرَّحْمَنِ وَحِزْبِ الشَّيْطَانِ وَشُهَدَاءِ الزُّورِ وَأَهْلِ الْعَمَى عَنِ