الثَّوَابِ وَهُمْ قَدَرِيَّةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمَجُوسُهَا إِنَّ اللهَ أَمَرَ عِبَادَهُ تَخْيِيراً وَنَهَاهُمْ تَحْذِيراً وَكَلَّفَ يَسِيراً وَلَمْ يُكَلِّفْ عَسِيراً وَأَعْطَى عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيراً وَلَمْ يُطَعْ مُكْرَهاً وَلَمْ يُعْصَ مَغْلُوباً وَلَمْ يُرْسِلُ الْأَنْبِيَاءَ لَعِباً وَلَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ إِلَى عِبَادِهِ عَبَثاً وَلَمْ يَخْلُقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الْآيَةَ فَقَالَ الشَّامِيُّ فَمَا الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ اللَّذَانِ كَانَ مَسِيرُنَا بِهِمَا فَقَالَ ع الْأَمْرُ بِذَلِكَ مِنَ اللهِ وَالْحُكْمُ بِهِ ثُمَّ تَلَا (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) ثُمَّ قَرَأَ (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) فَقَامَ الشَّامِيُّ فَرِحاً مَسْرُوراً لَمَّا سَمِعَ هَذَا الْمَقَالَ وَقَالَ فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللهُ عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فصل
قوله تعالى (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) لا يجوز بمعنى الخلق إذ لو عنى به جاز أن يوجد في الناس من يعبد سواه ولم يقل إنه قضى عبادتهم وإنما قال قضى ألا تعبدوا ولا يصح أن يقال خلق أن لا يفعلوا كذا وإنما يصح ذلك إذا أردت به الأمر والحكم.
قوله سبحانه :
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) إنه قادر على ما يشاء غير محتاج إلى الاستعانة بشيء من الأشياء من جرأة وتقليل للفريقين وكيف يقضي ما هو مفعول والمفعول الموجود لا يصح فعله ثانيا وإنما قلل الكفار في أعين المسلمين للجرأة وقلل المسلمين في أعين الكفار للتحرز.
قوله سبحانه :
(قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي) إنه فعل مجهول ولا حكم للمجهول لأنه إما أن يكون فاعله معلوما ولا فاعل له كقوله (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) وقوله (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ) وإما أن يأتي اللفظ على هذه الصيغة فقط نحو أعجب بكذا وسر به وأشرب قلبه مع زيد وإن أراد به خلق فمعلوم أن الأمر لم يكن مخلوقا وقتئذ وإنما خلق ذلك بعد مدة فالمراد به حكم.