من معاتبة الامّ على المعاشرة فانّ المساهلة من جانبها أنسب لأنّها أشفق عليه بالنسبة إلى الأب ، ولانّه لا ينقص منها شيء بالحقيقة بخلاف الأب فإنّه يخرج الأجرة من ماله وان كان من مال الولد على ما مرّ ، ولانّه ولدها فلو فرض النّقص من الأجرة لم يكن ضائعا.
وقد يستفاد من الآية عدم جواز إرضاع غيرها لو لم يحصل التّعاسر من جانبها ورضيت بما رضى به الغير على ما قاله الأصحاب ، وجواز إرضاع غيرها لو حصل التّعاسر منها وعدم قبولها بما يقبل الغير ، وعلى هذا أصحابنا أيضا وفي الأخبار دلالة عليه (١).
(لِيُنْفِقْ) إشارة إلى كيفيّة الإنفاق على المطلقة بل إلى الإنفاق مطلقا بالنسبة الى من يجب نفقته.
(ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) اى بحسب حاله في السّعة والغنى مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ولا يخرج عن ذلك الى طرفي الإسراف والتّقتير إذ هما منهيّ عنهما.
(وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) اى ضيّق عليه وهو الفقير الذي ليس في سعة وغنى.
(فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) اي قدر حاله وطاقته من البلغة ولا يكلّف بالزّائد عليه كالأغنياء فإنّه تعالى لم يعطه زائدا على ما عنده فلا يكلّفه الزّائد عليه كما أشار إليه بقوله :
(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) من القدرة والطاقة وهو أوضح دليل على انّ التكليف بما يشقّ لا يقع منه تعالى ، فضلا عن التكليف بالمحال مع انّ العقل يحكم به ضرورة.
(سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) اي بعد ضيق سعة وبعد فقر غنى أو بعد صعوبة الأمر سهولة وهو تطييب لقلوب الفقراء بل لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا ، ويمكن جعله على العموم بالنّسبة الى من يجب نفقتهم عليهم ووعد
__________________
(١) انظر الباب ٦٨ و ٦٩ و ٧٠ و ٨٠ من الوسائل من أبواب أحكام الأولاد ، ومستدرك الوسائل ج ٢ ، ص ٦٢٣ و ٦٢٤.