في معنى الأمر أي طلّقوا دفعتين.
(فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) تخيير للأزواج بعد أن علّمهم كيف يطلّقون بين أن يمسكوا النّساء بحسن العشرة والقيام بحقهنّ الواجب عليهم وبين أن يسرّحوهنّ السّراح الجميل الّذي علمهم إيّاه من كونه غير مشتمل على إضرار ويحتمل أن يكون حكما مبتدء لبيان حال الزّوجية من الإمساك وعدمه كما احتمله القاضي.
وعلى هذا ففي الآية دلالة على اشتراط وقوع الطّلاق مفصّلا بان يطلّق ثمّ يراجع ثمّ يطلّق اخرى ان شاء وهكذا ولا يجوز الجمع بين طلقتين أو ثلاث على الإرسال في كلام واحد كأن يقول : هي طالق طلقتين أو ثلاثا ، أو طالق وطالق وطالق أو يكرّر وهي طالق وعلى هذا أصحابنا أجمع ووافقهم الحنفيّة وفي وقوع الواحدة على ذلك التّقدير خلاف بينهم وتفصيله يعلم من خارج وحينئذ فتكون الطّلقة الثّالثة مستفادة من قوله : فان طلّقها فلا تحلّ له الى آخره كما سيجيء.
قال ابن إدريس : وهذا مذهبنا ولا يستفاد من الآية على هذا الوجه اعتبار تفريق الطّلقات على الاطهار بمعنى أن يوقع كلّ طلقة في طهر غير طهر المواقعة إذ ليس فيها على هذا الوجه إلّا نفي الإرسال امّا كون التّطليق الثّاني في طهر غير طهر المواقعة وغير طهر التّطليق الأوّل فلا.
ومن ثمّ ذهب أكثر أصحابنا إلى جواز وقوع الطلقات الثّلاث في طهر واحد بل في مجلس واحد مع تخلّل الرّجعة بين التّطليقات لا بدونه.
واستدلّ الشّافعيّ (١) على جواز إرسال الثّلاث بحديث العجلانىّ الّذي لاعن امرأته فطلّقها ثلاثا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم ينكر عليه وهو عن الدّلالة بمعزل إذ لم يثبت في متن الخبر ما يدلّ على انّ وقوع الثّلاث كان بطريق الإرسال
__________________
(١) انظر الكشاف ج ١ ، ص ٢٤٧ وقال ابن حجر في الكاف الشاف : «ذيله متفق عليه من حديث سهل بن سعد لكن قيل : ان قوله «فطلقها ثلاثا قبل أن يأمرها (ص) بطلاقها» من كلام الزهري رواية عن سهل».