الإجباري.
ولو كان الولد فقيرا وكان الأب أيضا كذلك فالظّاهر وجوب الإرضاع على الامّ بلا اجرة كما يجب عليها الإنفاق عليه لو كان الأب معسرا فإن الإرضاع إنفاق والأظهر اشتراط غنائها عن اجرة الإرضاع فلو كانت بحيث لا وجه لمعاشها سواه قدمت على الولد فانّ النّفس مقدّمة على واجب النّفقة بالإجماع وحينئذ فيكون الأجرة من بيت المال لانّ ذلك من المصالح فتأمّل.
(وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ) في الخلاف الايتمار بمعنى التّآمر كالاشتوار بمعنى التّشاور يقال : ائتمر القوم وتآمروا إذا أمر بعضهم بعضا والمعنى وليأمر بعضكم بعضا ونحوه قال القاضي ونقل في مجمع البيان قولا بانّ معناه قبول الأمر وملاقاته بالتّقبّل من الله تعالى. وقال الكسائي : أصله التّشاور ومنه يأتمرون بك اي يتشاورون.
قال في المجمع (١) : والأقوى عندي ان يكون المعنى وأمروا بالمعروف بينكم في أمر الولد ومراعاة أمّه حتّى لا تفوت الولد شفقتها وغير ذلك ويدلّ عليه قول امرئ القيس (٢) : «ويعدوا على الامّ ما يأتمر» يعني بما تريد نفسه لانّ الرّجل ربّما دبّر أمرا ليس برشد فيغدوا عليه ويهلكه انتهى.
وهو بعيد والأولى حمله على الوجه الأوّل وبه صرّح الشّيخ في التّبيان (٣) والمراد بالمعروف كونه على الوجه الجميل في إرضاع الولد بحيث لا يضرّ بمال الولد ولا بنفس الولد فلا يزاد على اجرة المثل ولا ينقص الولد عن الرّضاع المعتاد.
(وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ) تضايقتم فيما بينكم ولم يرض أحدكم بما قاله الأخر.
(فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) فستوجد ولا تعوز مرضعة غير الامّ ترضعه وفيه طرف
__________________
(١) انظر مجمع البيان ج ١٠ ، ص ٣٠٨.
(٢) البيت أنشده في اللسان ج ٤ ، ص ٣٠ طبعة بيروت هكذا :
أحار بن عمرو كأني خمر |
|
ويعدو على المرء ما يأتمر |
(٣) انظر التبيان ج ٢ ، ص ٦٨٦.