فما فايدة الشّرط في قوله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ). قلت : فائدته انّ مدة الحمل ربّما طال وقتها فظنّ ظانّ انّ النّفقة تسقط إذا مضى مقدار عدّة الحائل فنفي ذلك الوهم.
ولا يخفى ما فيه من التّكلّف البعيد مع أنّ الأصل يوجب العدم لما عدا الحامل فإنّه إلزام وتكليف يتوقّف على الدّليل الواضح.
هذا وقد اختلف أصحابنا في كون نفقة الحامل المطلقة لها نفسها أو للحمل ذهب الى كلّ جماعة وذكروا فايدة الخلاف في كتب الفروع والأولى السّكوت عمّا سكت الله عنه والاقتصار على ظاهر القرآن من وجوب النّفقة للحامل المطلقة وقطع النّظر عن كونها للحمل أولها نفسها ، ولهذه المسئلة نظائر ربّما يجيء على بعضها ان شاء الله تعالى.
(فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ) بعد انقطاع علقة النّكاح بالطّلاق وهو الظّاهر ويحتمل بعيدا العموم.
(فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) على الإرضاع وفيه دلالة على عدم وجوب الإرضاع على الامّ وانّها لو أرضعت وجب لها الأجرة أي أجرة المثل ولا فرق في ذلك عند أكثر أصحابنا بين حال الزّوجيّة وعدمها وفي الأخبار دلالة عليه ومنع الشّيخ في الخلاف من الأجرة حال الزّوجيّة وهو قول الحنفيّة وقد تقدّم الكلام فيه وعلى القول بكون النّفقة للولد بوجوب الأجرة على الأب يكون مشروطا بفقر الولد وغنى الأب فلو كان للولد مال وجب ان يعطى الأمّ الأجرة منه.
ولا ينافيه ظاهر الآية فإنّها اقتضت دفع الأب الأجرة وذلك لا يستلزم كونها من ماله ، فإنّه لو كان المال من الولد يجب على الأب إعطاؤها منه أيضا لأنّه وليّه
__________________
ـ والزمخشري نصر مذهب أبي حنيفة فقال : فايدة تخصيص الحوامل بالذكر أن الحمل ربما طال أمده فيتوهم متوهم ان النفقة لا تجب بطوله فخصت بالذكر تنبيها على قطع هذا الوهم وغرض الزمخشري أن يحمل التخصيص لهذه الفائدة كيلا يكون له مفهوم في إسقاط النفقة لغير الحوامل لأن أبا حنيفة يسوي بين الجميع في وجوب النفقة» انتهى كلام ابن المنير.