فلو اقتصر عليه لدل على بيع الدين بالدين وهو باطل ، فلما قال (تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) كان المعنى إذا تداينتم تداينا يحصل فيه دين واحد ، وحينئذ فيخرج عليه الدين بالدين ويبقى بيع العين بالدين أو العكس داخلا لحصول الدين الواحد في كل منهما].
(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) معلوم بالأيام والأشهر ، وحاصله كونه بحيث لا يقبل الزيادة والنقصان لا نحو الحصاد والدياس وقدوم الحاج ونحوه ، مما يقبل الزيادة والنقصان لعدم المعلومية فيه واستلزامه وقوع النزاع بين المتعاملين.
[والآجل هو الوقت المضروب لانقضاء الأمد ، وأصله من التأخير ، يقال أجل الشيء يأجل أجلا إذا تأخر ، والأجل نقيض العاجل. ولعل ذكر الأجل بعد ذكر المداينة مع دلالتها عليه ليتمكن من وصفه بالمسمى ، أي المعين المعلوم ، ليخرج عنه ما ذكرناه مما لا تسمية فيه].
وظاهر الآية يقتضي اعتبار التعيين في الأجل لفظا ، ولا يكفي كونه مقصودا لهما ، ويترتب على اعتبار تعينه عدم جواز مطالبة صاحب الحق قبل الأجل وعدم جواز تأخير من عليه الحق عنه لو أراده صاحبه ، إذ الظاهر أن فائدة الأجل وتعيينه ذلك الا ما أخرجه الدليل ، مثل وجوب الأخذ قبله وعدم لزومه كما في القرض ، فإن التأجيل لا يلزم فيه لدليل اقتضاه.
وقد استفيد من الآية اباحة المعاملة بالدين مؤجلا وحالا بأي وجه كانت المعاملة نسيئة وسلما وصلحا واجارة وقرضا ونحوها ، فإن المعاملة تشمل جميع ذلك.
وقد ينقل عن ابن عباس ان الآية وردت في السلم خاصة ، وكان يقول «اشهد أن الله أباح السلم المضمون إلى أجل معلوم ، وأنزل فيه أطول آية وتلا الآية». ولم يعتبر الفقهاء ذلك ، بل أخذوا بظاهرها الواقع على كل معاملة وإن كان موردها خاصا ، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وظاهرها شامل لما كان العوضان معادينا أو أحدهما. لكن الإجماع منعقد على أن معاملة الدين غير صحيحة فتخصص الآية بالثاني [مع ان في دلالة الآية على الأول نظرا أشرنا إليه سابقا] وهو قسمان : بيع العين بالدين ،