قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

دروس في علم الأصول [ ج ٤ ]

دروس في علم الأصول [ ج ٤ ]

284/371
*

__________________

العقلاء الذي تنعقد له الجديّة النهائيّة بمجرد تماميّة كلامهم ٢ ، بمعنى ان الذي ينعقد من الكلام المنفصل للشارع المقدّس ـ قبل الفحص ـ هو المدلول الجدّي الجزئي ، ولا تنعقد الدلالة الجدية النهائية إلّا بعد الفحص ، وعليه فإذا وجدنا بالفحص قرينة منفصلة فيها شبهة مفهومية كما في معنى الفسق مثلا ، فهل يجب اكرام القدر المشكوك ايضا أو لا؟

حتما لا ، وذلك لأنّ هذا القدر المشكوك [وهو في المثال مرتكبوا الصغائر] غير مشمول قبل الفحص للمدلول الجدّي النهائي للعام على ما ذكرنا ، وامّا بعد الفحص فقد عرفنا المراد الجدّي النهائي بوجوب اكرام القدر المتيقّن من العدول وعدم وجوب اكرام القدر المتيقّن من الفسّاق ، واما القدر المشكوك فلم نعرف المراد الجدّي النهائي للشارع المقدّس بالنسبة إليه ، فيرجع الى الاصول العملية فيه.

[فإن قلت] إنّ العام شامل لهذا القدر المشكوك بمداليله التصورية والتصديقية الاستعمالية والتصديقيّة الجدّية الجزئية ، وامّا شمول المخصّص لمرتكبي الصغائر فغير معلوم على مستوى الدلالة التصورية فضلا عن التصديقية ، اي انّ دخول مرتكبي الصغائر من العلماء في المدلول التصوّري للعام والمدلول الاستعمالي واضح ، والاصل العقلائي ثابت وواضح في لزوم التطابق بين الدلالات الثلاث لظهور حال المتكلم في انه يريد جدا معاني

__________________

(٢) اوضحنا هذا الامر في محلّه وهنا نشير إليه باختصار فنقول :

ان الشارع المقدّس عند ما يعطي الاحكام إلى السائلين فانما يبيّن لهم من حدودها ما تلائمه الحكمة من مقدار حاجة السائل ومقدار تحمّله من الجواب ونحو ذلك ولذلك فكلام الشارع المقدّس يكون حجّة بالنسبة إلى خصوص المخاطب ، وأمّا بالنسبة إلى غيره فغير معلوم ، لما عوّدنا عليه الشارع من القرائن المنفصلة ، ولذلك فالجديّة انما يصحّ ادّعاؤها بمقدار ما بيّنه الامام فقط من حدود لا مطلقا ، بمعنى أنّا لو احتملنا وجود قرائن منفصلة اخرى تبيّن بقية حدود الحكم فانّه يجب علينا الفحص ، وهذه الكلمات المعروفة عند العلماء هي في الواقع ناتجة عن ادراكهم لاحتمال عدم جديّة الامام في تبيين كل حدود الحكم ، اي عدم الجدية النهائية التي تترتب عليها الحجيّة ، ومن الواضح ان موضوع حجيّة الظهور هو هذا المدلول الجدّي النهائي او قل المراد التام للشارع المقدّس.

(ولما) ذكرناه ترى كلّ او جلّ علمائنا لا يفتون بمجرّد رؤية رواية واحدة صحيحة ، انما يفحصون لمعرفة المراد التام للشارع المقدّس.