والقول الآخر : ما ذهب إليه السيد الاستاذ من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية واختصاصه بالشبهات الموضوعية (١) ، وذلك ـ بعد الاعتراف باطلاق دليل الاستصحاب في نفسه لكلا القسمين من الشبهات ـ بدعوى ان عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية ينشأ من التعارض بين استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل ، توضيح ذلك : ان الحكم الشرعي ـ كما تقدّم في محلّه ـ ينحلّ إلى جعل ومجعول ، والشك فيه تارة يكون مصبّه الجعل واخرى يكون مصبّه المجعول ، فالنحو الاوّل من الشك يعني ان الجعل قد تعلّق بحكم محدّد وواضح بكل ما له دخل فيه من الخصوصيات ، غير ان المكلف يشك في بقاء نفس الجعل ويحتمل ان المولى ألغاه ورفع يده عنه ، وهذا هو النسخ بالمعنى الحقيقي في عالم الجعل ، والنحو الثاني من الشك [في الجعل] يعني ان الجعل ثابت ولا يحتمل نسخه غير ان الشك في مجعوله والحكم المنشأ به ، فلا يعلم مثلا هل ان المولى جعل النجاسة على الماء المتغيّر حتى ولو (٢) زال تغيّره من قبل نفسه (٣) او جعل النجاسة منوطة بفترة التغير الفعلي [فقط](٤) ، فالمجعول مردّد بين فترة طويلة وفترة قصيرة ، وكلما
__________________
(١) ذكر هذا البحث في هذا الجزء اكثر من مرّة ، راجع بحث «الشبهات الحكمية في ضوء الركن الثاني» ص ٨٦ وبحث «تطبيقه في الشبهات الحكمية» ص ٩٧ ، وذكره في التقريرات ج ٦ ص ١٢٧ ، وذكره السيد الخوئي في مصباحه ج ٣ ص ٣٧.
(٢) في النسخة الاصلية قال بدل «ولو» إذا ، والاولى ما اثبتناه.
(٣) وهو الفرد الطويل.
(٤) قوله هنا «او جعل النجاسة ...» هو الفرد القصير.