فإذا قيل لصاحب المزرعة إنّه ربها ، فلأجل أنّ إصلاح أُمور المزرعة مرتبطة به وفي قبضته.
وإذا أطلقنا على سائس القوم ، صفة الرب ، فلأنّ أُمور أُولئك القوم مفوّض إليه فهو قائدهم ، ومالك تدبيرهم ومنظم شئونهم.
وإذا أطلقنا على صاحب الدار ومالكه اسم الرب ، فلأنّه فوّض إليه أمر تلك الدار وإدارتها والتصرّف فيها كما يشاء.
فعلى هذا يكون المربي والمصلح والرئيس والمالك والصاحب ومايشابهها مصاديق وصور لمعنى واحد أصيل يوجد في كل هذه المعاني المذكورة ، وينبغي أن لا نعتبرها معاني متمايزة ومختلفة للفظة الرب بل المعنى الحقيقي والأصيل للّفظة هو : من بيده أمر التدبير والإدارة والتصرّف ، وهو مفهوم كلّي ومتحقّق في جميع المصاديق والموارد الخمسة المذكورة (أعني : التربية والإصلاح والحاكمية والمالكية والصاحبية).
فإذا أُطلق يوسف الصدّيق ـ عليه السلام ـ لفظ الرب على عزيز مصر ، حيث قال :
(إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) (يوسف ـ ٢٣).
فلأجل أنّ يوسف تربى في بيت عزيز مصر وكان العزيز متكفّلاً لتربيته وقائماً بشئونه.
ولو وصف يوسف عزيز مصر بكونه رباً لمصاحبه في السجن فقال :
(أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) (يوسف ـ ٤١).
فلأنّ عزيز مصر كان سيد مصر وزعيمها ومدبّر أُمورها ومتصرّفاً في شئونها ومالكاً لزمامها.
وإذا وصف القرآن اليهود والنصارى بأنّهم اتّخذوا أحبارهم أرباباً إذ يقول :