المسائل العشر
٩
الصلاة عند القبور
يقول ابن تيمية في رسالة «زيارة القبور» : «لم يذكر أحد من أئمة السلف أنّ الصلاة عند القبور وفي مشاهدها مستحبة ، ولا أنّ الصلاة والدعاء أفضل منها في غيرها ، بل اتفقوا كلّهم على أنّ الصلاة في المساجد والبيوت أفضل منها عند قبور الأنبياء» (١).
هذا كلام ابن تيمية ومن حذا حذوه من الوهابية ؛ فنقول :
إنّ ما دلَّ على جواز الصلاة والدعاء في كل مكان يدل بإطلاقه على جواز الصلاة ، والدعاء عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبور سائر الأنبياء والصالحين أيضاً ، ولا يشك في الجواز من له أدنى إلمام بالكتاب والسنّة ، وإنّما الكلام هو في رجحانها عند قبورهم فنقول في هذا المجال :
إنّ إقامة الصلاة عند تلك القبور لأجل التبرّك بمن دفن فيها وهذه الأمكنة مشرفة بهم وقد تحقّق شرف المكان بالمكين ، وليست الصلاة ـ في الحقيقة ـ إلّا لله تعالى لا للقبر ولا لصاحبه ، كما أنّ الصلاة في المسجد هي لله أيضاً ، وإنّما تكتسب الفضيلة بإقامتها هنا لشرف المكان ، لا أنّها عبادة للمسجد ، فالمسلمون يصلّون عند قبور من تشرفت بمن دفن فيها لتنالهم بركة أصحابها الذين جعلهم الله
__________________
(١). زيارة القبور : ١٥٩ ـ ١٦٠.