كيف لا ، ونحن
نقرأ في الحديث الشريف :
«من أصغى إلى ناطق فقد
عبده ، فإن كان الناطق يؤدي عن الله عزوجل فقد عبد الله وإن كان الناطق يؤدي عن
الشيطان فقد عبد الشيطان» .
فالناس يستمعون
اليوم إلى وسائل الإعلام ويصغون إلى أحاديث المتحدّثين والمذيعين من الراديو والتلفزيون
، وأكثر أُولئك المتحدّثين ينطقون عن غير الله ، فهل يمكن لنا أن نصف كل من يستمع
إلى تلك الأحاديث بأنهم عبدة لأُولئك المتحدثين؟!
بل الصحيح هو أن
نعتبر استعمال لفظ العبادة في مثل هذه الموارد نوعاً من التجوّز ، لأجل وجود
المناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي.
فلطالما يتردّد في
لسان العرف بأنّ فلاناً (عبد البطن) أو (عبد الشهوة) فهل يكون هؤلاء ـ حقاً ـ عبدة
البطن والشهوة ، أو لأنّ الخضوع المطلق تجاه نداءات الشهوات النفسانية حيث كان
شبيهاً بالخضوع المطلق الذي يمثله الموحدون أمام خالق الكون ، أطلق عنوان العبادة
على هذه الموارد.
٩ ـ هل الأمر
الإلهي يجعل الشرك غير شرك؟
ربما يقال : إنّ
سجود الملائكة لآدم ، واستلام الحجر الأسود ، وما شابههما من الأعمال لما كان بأمر
الله ، لا يكون شركاً ، ولا يعد فاعلها مشركاً .
وبعبارة أُخرى أنّ
حقيقية العبادة وإن كانت الخضوع والاحترام ، ولكن لمّا كانت تلك الأعمال مأتيّاً
بها بأمره سبحانه تعد عبادة للآمر لا لسواه.
__________________