من غير تكرمة له
ولا فضيلة لما كان لآدم في ذلك حظ ولا فضيلة تُحسَد كالكعبة المنصوبة للقبلة .
وعلى هذا فمفهوم
الآية هو أنّ الملائكة سجدوا لآدم بأمر الله سجوداً واقعياً ، وأنّ آدم أصبح
مسجوداً للملائكة بأمر الله ، وهنا أظهر الملائكة من أنفسهم غاية الخضوع أمام آدم
، ولكنّهم ـ مع ذلك ـ لم يكونوا ليعبدوه.
وأمّا ربّما
يتصوّر من أنّ سجود الملائكة لما كان بأمره سبحانه صح سجودهم له ، إنّما الكلام في
الخضوع الذي لم يرد به أمر ، فسيوافيك الجواب عن هذا الاحتمال الذي يردّده كثير من
الوهابيين في المقام.
٢ ـ إنّ القرآن
يصرّح بأنّ أبوي يوسف وإخوته سجدوا له حيث قال :
(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ
عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ
مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) (يوسف ـ ١٠٠).
ورؤياه التي يشير
إليها القرآن في هذه الآية هو ما جاء في مطلع السورة :
(إِنِّي رَأَيْتُ
أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (يوسف ـ ٤).
وقد تحقّقت هذه
الرؤيا بعد سنوات طويلة في سجود إخوة يوسف وأبويه له ، وعبّر القرآن ـ في كل هذه
الموارد ـ بلفظ السجود ليوسف.
ومن هذا البيان
يستفاد ـ جلياً ـ أنّ مجرد السجود لأحد بما هو مع قطع النظر عن الضمائم والدوافع
ليس عبادة ، والسجود كما نعلم هو غاية الخضوع والتذلّل.
ثمّ إنّ بعض من
يفسّر العبادة بمطلق الخضوع يجيب عن الاستدلال بهذه الآيات بأنّ السجود لآدم أو
ليوسف ، حيث كان بأمر الله سبحانه فبذلك خرج عن كونه شركاً. وسنرجع إلى هذا البحث
تحت عنوان «هل الأمر الإلهي يجعل
__________________