إلى هنا بيّنا ثلاثة دوافع للإشراك بالله في العبادة ولن ندّعي ـ مطلقاً ـ بأن لا يكون ثمة دافع آخر للشرك غير ما ذكرناه ، ولكن الدوافع التي ينتقدها القرآن الكريم كانت أساس نشوء الشرك وانتشاره في العالم.
إنّ المسلم المعتقد بإله الكون ، الإله الواحد ، الإله الحاضر في كل مكان ، القريب إلى عباده ، الإله الذي بيده الخلق المدبّر للكون بنفسه الذي لم يعط أمره ولم يفوّضه إلى أحد.
إنّ المسلم مع هذا الاعتقاد ، لا يمكن أن يتّخذ معبوداً سوى الله ، بل لا تكفي عبادته وحده ، إنّما يجب عليه أن يحارب عقائد الشرك والوثنية ، وأن لا يرضى بتجاوز أحد عن دائرة التوحيد لحظة واحدة.
* * *
وحول الدافع الثالث نذكّر بنكتة مهمة وهي : أنّه قد يمكن أنّ يعتقد أحد بأن أمر الكون كلّه لله ، ولم يسلّم هذا النوع من الأُمور إلى غيره ، ولكن يعتقد بأنّ الأُمور المعنوية التي ترتبط بأعمال العباد كالشفاعة والمغفرة الّتي هي من الأُمور المختصة بالله قد أعطاها ومنحها للأفراد ، وهذا هو أحد دوافع عبادة غير الله ، ولقد جعل القرآن الكريم : الشفاعة ـ بصراحة تامة ـ محض حق الله فلا يمكن لأحد أن يشفع بدون إذنه إذ يقول :
(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر ـ ٤٤).
كما جعل الغفران والمغفرة لذنوب عباده حقاً مختصاً به سبحانه لا يشاركه فيه أحد غيره ، ومن زعم أنّ المغفرة بيد غيره سبحانه فقد أشرك. قال تعالى :