لا تختص جملة «عزّروه» بزمان النبي ، أضف إلى ذلك أنّ القائد العظيم يجب أن يكون موضعاً للتكريم والاحترام والتعظيم في كل العهود والأزمنة.
فهل إقامة المجالس لإحياء ذكريات : المبعث أو المولد النبوي ، وإنشاء الخطب والمحاضرات والقصائد والمدائح إلّا مصداق جلي لقوله تعالى : (وَعَزَّرُوهُ) والتي تعني : أكرموه وعظّموه.
عجباً كيف يعظّم الوهابيون أُمراءهم بالاحترام الذي يفوق ما يفعله غيرهم تجاه أولياء الله فلا يكون ذلك شركاً ، وأمّا إذا أتى أحد بشيء يسير من ذلك في حقّهم عدّ شركاً؟!!
إنّ المنع عن تعظيم الأنبياء والأولياء وتكريمهم ـ حيّاً وميتاً ـ يصوّر الإسلام في نظر الأعداء ديناً جامداً لا مكان فيه للعواطف الإنسانية ، كما يصور تلك الشريعة السمحاء المطابقة للفطرة الإنسانية ديناً يفقد الجاذبية المطلوبة القادرة على اجتذاب أهل الملل الأُخرى واكتسابهم.
ما ذا يقول ـ الذين يخالفون إقامة مجالس العزاء للشهداء في سبيل الله ـ في قصة يعقوب ـ عليه السلام ـ؟ وما ذا يقولون فيه وهو يبكي على ابنه أسفاً وحزناً في فراق ولده يوسف ، ليله ونهاره ، ويسأل كل من لقيه عن ابنه المفقود حتى فقد بصره ، كما يقول سبحانه :
(وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) (يوسف ـ ٨٤).
فلما ذا يكون إظهار مثل هذه العلاقة في حال حياة الولد جائزاً ومشروعاً ومطابقاً لأُصول التوحيد بينما إذا كان في حال مماته عدّ شركاً؟!
فاذا اتّبع أحد طريق يعقوب فبكى على فراق أولياء الله وأحبّائه يوم استشهادهم فلما ذا لا يعدّ عمله اقتداءً بيعقوب ـ عليه السلام ـ.
لا ريب في أنّ مودة ذوي القربى هي إحدى الفرائض الإسلامية التي دعا