فهذا القرآن إذ
يصف الله تعالى بأنّه هو الشافي الحقيقي (كما في آية ٨٠ الشعراء) يصف العسل بأنّه
الشافي أيضاً عند ما يقول :
(فِيهِ شِفاءٌ
لِلنَّاسِ) (النحل ـ ٦٩).
أو ينسب الشفاء
إلى القرآن عند ما يقول :
(وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء ـ ٨٢).
وطريق الجمع الذي
ذكرناه وارد هنا وجارٍ في هذا المقام كذلك ، وهو بأن نقول :
إنّ الإبراء
والإشفاء ـ على نحو الاستقلال ـ من فعل الله لا غير.
وعلى نحو التبعية
واللااستقلال من فعل هذه الأُمور والأسباب فهو الذي خلقها ، وأودع فيها ما أودع من
الآثار ، فهي تعمل بإذنه وتؤثّر بمشيئته.
ففي هذه الصورة
إذا طلب أحد الشفاء من أولياء الله وهو ملتفت إلى هذا الأصل كان عمله جائزاً ومشروعاً وموافقاً للتوحيد المطلوب
تماماً.
لأنّ الهدف من طلب
الشفاء من الأولياء هو تماماً مثل الهدف من طلب الشفاء من العسل والعقاقير الطبية
، غاية ما في الباب أنّ العسل والعقاقير تعطي آثارها بلا إرادة وإدراك منها ،
بينما يفعل ما يفعله النبيّ والولي عن إرادة واختيار ، فلا يكون الهدف من
الاستشفاء من الولي إلّا مطالبته بأن يستخدم تلك القدرة الموهوبة له ويشفي المريض
بإذن الله كما كان يفعل السيد المسيح ـ
عليه السلام ـ إذ كان يبرئ من
استعصى علاجه من الأمراض بإذن الله والقدرة الموهوبة له من الله.
وواضح أنّ مثل هذا
العمل لا يعدّ شركاً إذ لا تنطبق على ذلك معايير الشرك أو قل المعيار الواحد
الحقيقي.
__________________