ومقيس بن صبابة (١) ، وإنما أمر بقتله لقتله الأنصاري الذي قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مرتدا ، وسارة مولاة كانت لبعض بني المطلب كانت ممن يؤذيه بمكة.
وعكرمة بن أبي جهل ، فأما عكرمة فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمنه ، فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأسلم.
وأما عبد الله بن خطل فقتله سعد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه ، وأما مقيس (٢) بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه.
وأما قينتا بن خطل فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمّنها ، وأما سارة فتغيبت حتى استؤمن لها فأمّنها ، فعاشت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا له في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها.
وأما الحويرث بن نقيد فقتله علي بن أبي طالب.
فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة وقف قائما على باب الكعبة وقال : لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إن كل مأثرة أو دم أو مال في الجاهلية يدّعى فهو تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، يا معشر قريش إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم خلق من تراب ، ثم تلا : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) [الحجرات : ١٣] الآية ، يا أهل مكة ما ذا ترون أني فاعل بكم؟ قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال : «اذهبوا فأنتم الطلقاء» ، فأعتقهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة ، فلذلك سمّي أهل مكة الطلقاء.
ثم اجتمع الناس للبيعة فجلس لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الصفاء ، وعمر بن الخطاب أسفل منه يأخذ على الناس ، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا ، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء.
قال عروة بن الزبير : خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب الجمحي : يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومي ، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر ، فآمنه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هو آمن ، قال : يا رسول الله أعطني شيئا يعرف به أمانك ، فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمامته التي دخل بها مكة ، فخرج بها عمير حتى أدركه بجدة ، وهو يريد أن يركب البحر ، فقال : يا صفوان فداك أبي وأمي أذكرك الله في نفسك أن تهلكها ، فهذا أمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد جئتك به ، فقال : ويلك اغرب عني فلا تكلمني ، قال : أي صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك (٣) عزّك وشرفه شرفك وملكه ملكك ، قال : إني أخافه على نفسي ، قال : هو أحلم من ذلك وأكرم ، فرجع به معه حتى وقف به على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك أمّنتني؟ قال : صدق ، قال فاجعلني في أمري بالخيار شهرين ، قال أنت فيه بالخيار أربعة أشهر.
قال ابن إسحاق وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من رمضان سنة ثمان ، وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة ، ثم خرج إلى هوازن وثقيف ، وقد نزلوا حنينا.
__________________
(١) في المخطوط «ضبابة».
(٢) في المطبوع «عقيس».
(٣) في المطبوع «عمتك».