(مَرْفُوعَةٍ) ، رفيعة القدر عند الله عزوجل. وقيل : مرفوعة يعني في السماء السابعة. (مُطَهَّرَةٍ) ، لا يمسها إلا المطهرون ، وهم الملائكة.
(بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) (١٥) ، قال ابن عباس ومجاهد : كتبة ، وهم الملائكة الكرام الكاتبون ، واحدهم سافر ، يقال : سفرت أي كتبت. ومنه قيل للكتاب (١) : سفر وجمعه أسفار. وقال الآخرون : هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير ، وهو الرسول ، وسفير القوم الذي يسعى بينهم بالصلح ، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم.
(كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥))
ثم أثنى عليهم فقال : (كِرامٍ بَرَرَةٍ) (١٦) ، أي كرام على الله بررة مطيعين جمع بار.
قوله عزوجل : (قُتِلَ الْإِنْسانُ) ، أي لعن الكافر.
قال مقاتل : نزلت في عتبة بن أبي لهب (ما أَكْفَرَهُ) ، ما أشد كفره مع كثرة إحسانه إليه وأياديه عنده ، على طريق التعجب ، قال الزجاج : معناه اعجبوا أنتم من كفره. قال الكلبي ومقاتل : هو (ما) الاستفهام ، يعني أي شيء حمله على الكفر؟ ثم بين من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم أن الله خالقه.
فقال : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (١٨) ، لفظه استفهام ومعناه التقرير.
ثم فسره فقال : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (١٩) ، أطوارا : نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه. قال الكلبي : قدر خلقه رأسه وعينيه ويديه ورجليه.
(ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) (٢٠) ، أي طريق خروجه من بطن أمه. قاله السدي ومقاتل ، وقال الحسن ومجاهد : يعني طريق الحق والباطل سهل له العلم به ، كما قال : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) [الإنسان : ٣] (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) [البلد : ١٠] ، وقيل : يسر على كل أحد ما خلقه له وقدره عليه.
(ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) (٢١) ، جعل له قبرا يوارى فيه. قال الفراء : جعله مقبورا ولم يجعله ممن يلقى كالسباع والطيور. يقال قبرت الميت إذا دفنته ، وأقبره الله أي صيره بحيث يقبر ، وجعله ذا قبر ، كما يقال : طردت فلانا والله أطرده أي صيره طريدا.
(ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) (٢٢) ، أحياه بعد موته.
(كَلَّا) ، رد عليه أي ليس كما يقول ويظن هذا الكافر وقال الحسن : حقا. (لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) ، أي لم يفعل ما أمره به ربه ولم يؤد ما فرض عليه ، ولما ذكر خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر.
فقال : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ) (٢٤) ، كيف قدره ربه [ودبر له](٢) وجعله سببا لحياته. وقال مجاهد : إلى مدخله ومخرجه.
ثم بين فقال : (أَنَّا) قرأ أهل الكوفة (أَنَّا) بالفتح على تكرير الخافض ، مجازه فلينظر إلى أنا ، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف. (صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) ، يعني المطر.
__________________
(١) في المخطوط «للكاتب».
(٢) زيد في المطبوع وط.