(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) (٩) ، أي راحة لأبدانكم. قال الزجاج : السبات أن ينقطع عن الحركة والروح فيه. وقيل : معناه جعلنا نومكم قطعا لأعمالكم لأن أصل السبت القطع.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) (١٠) ، غطاء وغشاء يستر كل شيء بظلمته.
(وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) (١١) ، المعاش العيش وكل ما يعاش فيه فهو معاش ، أي جعلنا النهار سببا للمعاش والتصرف في المصالح. قال ابن عباس : يريد تبتغون فيه من فضل الله ، وما قسم لكم من رزقه.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (١٢) ، يريد سبع سماوات.
(وَجَعَلْنا سِراجاً) ، يعني الشمس ، (وَهَّاجاً) ، مضيئا منيرا. قال الزجاج : الوهاج الوقاد. وقال مقاتل : جعل فيه نورا وحرارة ، والوهج يجمع النور والحرارة.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) ، قال مجاهد وقتادة ومقاتل والكلبي : يعني الرياح التي تعصر السحاب ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس : قال الأزهري : هي الرياح ذوات الأعاصير ، وعلى هذا التأويل تكون من بمعنى الباء أي بالمعصرات ، وذلك أن الريح تستدر المطر ، وقال أبو العالية والربيع والضحاك : المعصرات هي السحاب وهي رواية الوالبي عن ابن عباس ، وقال الفراء : المعصر السحابة التي تتحلب بالمطر ولا تمطر ، كالمرأة المعصر هي التي دنا حيضها ولم تحض. وقال ابن كيسان : هي المغيثات من قوله : (فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ). وقال الحسن وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان : من المعصرات أي من السموات. (ماءً ثَجَّاجاً) ، أي صبابا ، وقال مجاهد : مدرارا. وقال قتادة : متتابعا يتلو بعضه بعضا. وقال ابن زيد : كثيرا.
(لِنُخْرِجَ بِهِ) ، أي بذلك الماء ، (حَبًّا) ، وهو ما يأكله الناس ، (وَنَباتاً) ، ما تنبته الأرض مما تأكله الأنعام.
(وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦) ، ملتفة بالشجر واحدها لف ولفيف (١) ، وقيل : هو جمع الجمع ، يقال جنة لفا وجمعها لف ، بضم اللام وجمع الجمع ألفاف.
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) ، يوم القضاء بين الخلق ، (كانَ مِيقاتاً) ، لما وعد الله من الثواب والعقاب.
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) (١٨) ، زمرا زمرا من كل مكان للحساب.
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩) وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠) إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥))
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ) ، قرأ أهل الكوفة فتحت بالتخفيف ، وقرأ الآخرون بالتشديد ، أي شقت لنزول الملائكة ، (فَكانَتْ أَبْواباً) ، أي ذات أبواب. وقيل : تنحل وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وطرق.
(وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) ، عن وجه الأرض ، (فَكانَتْ سَراباً) ، أي هباء منبثا لعين الناظر كالسراب.
(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) (٢١) ، طريقا وممرا فلا سبيل لأحد إلى الجنة حتى يقطع النار. وقيل : كانت مرصادا أي معدة لهم ، يقال : أرصدت له الشيء إذا أعددته له. وقيل : هو من رصدت الشيء أرصده إذا
__________________
(١) في المطبوع «وليف».