(فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) (٢) ، يعني الرياح الشديدة الهبوب.
(وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) (٣) ، يعني الرياح اللينة. وقال الحسن : هي الرياح التي يرسلها الله بشرا بين يدي رحمته. وقيل : هي الرياح التي تنشر السحاب وتأتي بالمطر. وقال مقاتل : هم الملائكة ينشرون الكتب.
(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) (٤) ، قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : يعني الملائكة تأتي بما يفرق بين الحق والباطل. وقال قتادة والحسن : هي آي القرآن تفرق بين الحلال والحرام. وروي عن مجاهد قال : هي الرياح تفرق السحاب وتبدده.
(فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣))
(فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) (٥) ، يعني الملائكة تلقي الذكر إلى الأنبياء ، نظيرها (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ).
(عُذْراً أَوْ نُذْراً) (٦) ، أي للإعذار والإنذار ، قرأ الحسن (عُذْراً) بضم الذال واختلف فيه عن أبي بكر عن عاصم ، وقراءة العامة بسكونها ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص [عن عاصم](١) (نُذْراً) ساكنة الذال ، وقرأ الباقون بضمها ، ومن سكن قال لأنهما في موضع مصدرين بمعنى الإنذار والإعذار وليسا بجمع فينقلا إلى هاهنا أقسام ذكرها على قوله :
(إِنَّما تُوعَدُونَ) ، من أمر الساعة والبعث ، (لَواقِعٌ) ، لكائن ثم ذكر متى يقع.
فقال : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨) ، محي نورها.
(وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٩) ، شقت.
(وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) (١٠) ، قلعت من أماكنها.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١١) ، قرأ أهل البصرة وقتت بالواو ، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف ، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف ، وهما لغتان. والعرب تعاقبت بين الواو والهمزة كقولهم : وكدت وأكدت ، ورخت وأرخت ، ومعناهما جمعا لميقات يوم معلوم ، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم.
(لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) (١٢) ، أي أخرت ، وضرب الأجل لجمعهم فعجّب العباد من ذلك اليوم.
ثم بيّن فقال : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) (١٣) ، قال ابن عباس : يوم فصل الرحمن بين الخلائق.
(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) (١٦) ، يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم.
(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) (١٧) ، السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب يعني كفار مكة بتكذيبهم محمدا صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) زيادة من المخطوط.