وسيئ ، وما أخر بعد موته من سنة حسنة أو سيئة بعمل بها. وقال عطية عن ابن عباس بما قدم من المعصية وأخر من الطاعة. وقال قتادة : بما قدم من طاعة الله وأخر من حق الله فضيعه. وقال مجاهد : بأول عمله وآخره. وقال عطاء بما قدم في أول عمره وما أخر في آخر عمره. وقال زيد بن أسلم بما قدم من أمواله لنفسه وما أخر خلفه للورثة.
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١))
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) (١٤) ، قال عكرمة ومقاتل والكلبي : معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه ويشهدون عليه [بما عمله](١) وهي سمعه وبصره وجوارحه ، ودخل الهاء في البصيرة لأن المراد بالإنسان هاهنا جوارحه ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه بصيرة ، يعني لجوارحه ، فحذف حرف الجر كقوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ) [البقرة : ٢٣٣] أي لأولادكم ، ويجوز أن يكون نعتا لاسم مؤنث أي بل الإنسان على نفسه عين بصيرة. وقال أبو العالية وعطاء : بل الإنسان على نفسه شاهد وهي رواية العوفي عن ابن عباس والهاء في بصيرة للمبالغة دليل هذا التأويل قوله عزوجل : (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) [الإسراء : ١٤].
(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥) ، يعني يشهد عليه الشاهد ولو اعتذر وجادل عن نفسه لم ينفعه ، كما قال : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) [غافر : ٥٢] ، وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وعطاء قال الفراء : ولو اعتذر فعليه [من نفسه من يكذب عذره ومعنى](٢) الإلقاء القول كما قال : (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) [النحل : ٨٦]. وقال الضحاك والسدي : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (١٥) يعني ولو أرخى الستور وأغلق الأبواب وأهل اليمن يسمون الستر معذارا وجمعه معاذير ، ومعناه على هذا القول : وإن أسبل الستر ليخفي ما كان يعمل فإن نفسه شاهدة عليه.
قوله عزوجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦).
[٢٢٩٧] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٣) المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف ثنا محمد بن إسماعيل ثنا قتيبة بن سعيد ثنا جرير عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عزوجل : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦) قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا نزل جبريل عليه بالوحي كان مما يحرك لسانه وشفتيه فيشتد عليه ، وكان يعرف منه فأنزل الله عزوجل الآية التي في (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (١) ، (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (١٦).
__________________
[٢٢٩٧] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
ـ جرير هو ابن عبد الحميد.
ـ وهو في «صحيح البخاري» ٤٩٢٩ عن قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه البخاري (٥) و ٤٩٢٧ و ٤٩٢٨ و ٥٠٤٤ و ٧٥٢٤ ومسلم ٤٤٨ والترمذي ٣٣٢٩ والنسائي في «التفسير» ٦٥٤ من طريق موسى بن أبي عائشة به.
(١) في المطبوع «بعمله».
(٢) هذه العبارة في المطبوع عقب «وأغلق الأبواب».
(٣) زيادة عن المخطوط.