وعن كعب قال : لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها.
(إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) (٣٤) ، لا يطعم المسكين في الدنيا ولا يأمر أهله بذلك.
(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧) فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥))
(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) (٣٥) ، قريب ينفعه ويشفع له.
(وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٣٦) ، وهو صديد أهل النار مأخوذ من الغسل كأنه غسالة جروحهم وقروحهم. قال الضحاك والربيع : هو شجر يأكله أهل النار.
(لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) (٣٧) ، أي الكافرون.
(فَلا أُقْسِمُ) ، لا رد لكلام المشركين كأنه قال : ليس كما يقول المشركون أقسم ، (بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ) (٣٩) أي بما ترون وبما لا ترون. قال قتادة : أقسم بالأشياء كلها فيدخل فيه جميع المخلوقات والموجودات. وقال : أقسم بالدنيا والآخرة. وقيل : ما تبصرون ما على وجه الأرض وما لا تبصرون ما في بطنها. وقيل : ما تبصرون من الأجسام وما لا تبصرون من الأرواح. وقيل : ما تبصرون : الإنس وما لا تبصرون : الملائكة والجن. وقيل : النعم الظاهرة والباطنة. وقيل : ما تبصرون ما أظهر الله للملائكة واللوح والقلم ، وما لا تبصرون ما استأثر بعلمه فلم يطلع عليه أحدا.
(إِنَّهُ) يعني القرآن ، (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) ، أي تلاوة رسول كريم يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم.
(وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٤٢) ، قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يؤمنون ويذكرون ، بالياء فيهما ، وقرأ الآخرون بالتاء ، وأراد بالقليل نفي إيمانهم أصلا كقولك لمن لا يزورك (١) : قلما تأتينا ، وأنت تريد لا تأتينا أصلا.
(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ) ، تخرّص (٢) واختلق ، (عَلَيْنا) ، محمد ، (بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) ، وأتى بشيء من عند نفسه.
(لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) (٤٥) ، قيل (من) صلة ، مجازه ، لأخذناه وانتقمنا منه باليمين أي بالحق ، كقوله : (كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) [الصافات : ٢٨] ، أي : من قبل الحق. وقال ابن عباس : لأخذناه بالقوة والقدرة.
قال الشماخ يمدح عرابة ملك اليمن (٣).
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقاها عرابة باليمين (٤) |
أي بالقوة عبر عن القوة باليمين (٥) لأن قوة كل شيء في ميامنه. وقيل : معناه لأخذنا بيده اليمنى ، وهو مثل معناه : لأذللناه ، وأهناه كالسلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من يريد (٦) ، يقول لبعض أعوانه :
__________________
(١) في المطبوع «يزول».
(٢) في المطبوع «كحرض».
(٣) في المخطوط «اليمين».
(٤) في المطبوع «باليمن».
(٥) في المطبوع «اليمن».
(٦) في المخطوط (ب) «يريده» وفي المطبوع «بين يديه» والمثبت عن ط والمخطوط (أ)