أبو محمد بن زنجويه بن محمد ثنا علي بن الحسن الهلالي (١) ثنا عبد الله بن الوليد العدني (٢) عن سفيان حدثني معبد بن خالد القيسي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ متكبر».
(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) (١٤) ، قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة وأبو بكر ويعقوب أأن بالاستفهام ، ثم حمزة وأبو بكر يخففان الهمزتين بلا مد ، ويمد الهمزة الأولى أبو جعفر وابن عامر ويعقوب ، ويلينون الثانية ، وقرأ الآخرون بلا استفهام على الخبر ، فمن قرأ بالاستفهام فمعناه : ألأن كان ذا مال وبنين.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٥) ، أي : جعل مجازاة النعم التي خولها من البنين والمال الكفر بآياتنا. وقيل : معناه ألأن كان ذا مال وبنين يطغيه (٣). ومن قرأ على الخبر فمعناه : لا تطع كل حلاف مهين لأن كان ذا مال وبنين ، أي لا تطعه لماله وبنيه ، (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١٥).
(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠))
ثم أوعده فقال : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (١٦) ، والخرطوم الأنف. قال أبو العالية ومجاهد : أي نسود وجهه فنجعل له علما في الآخرة يعرف به وهو سواد الوجه. قال الفراء : خص الخرطوم بالسمة فإنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يعبر به عن كله. وقال ابن عباس : سنخطمه بالسيف ، وقد فعل ذلك يوم بدر. وقال قتادة : سنلحق به شيئا لا يفارقه. قال القتيبي : تقول العرب للرجل يسب (٤) الرجل سبة قبيحة! قد وسمه ميسم سوء ، يريد ألصق به عارا لا يفارقه ، كما أن السمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها ، وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة ، كالوسم على الخرطوم. وقال الضحاك والكسائي : سنكويه على وجهه.
(إِنَّا بَلَوْناهُمْ) ، يعني اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع ، (كَما بَلَوْنا) ، ابتلينا ، (أَصْحابَ الْجَنَّةِ).
روى محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل : (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) ، قال : كان بستان باليمن يقال له الضروان دون صنعاء بفرسخين يطؤه أهل الطريق كان غرسه قوم من أهل الصلاة وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له وكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل [فلم يجزه](٥) فإذا طرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط عن (٦) البساط فهو أيضا للمساكين ، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين ، وإذا داسوا كان لهم كل شيء ينتثر أيضا ، فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم ، فقالوا : والله إن المال لقليل وإن العيال لكثير ، وإنما كان هذا الأمر يفعل إذا كان المال كثيرا والعيال قليلا فأما إذ قل المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا ، فتحالفوا بينهم يوما ليغدون غدوة قبل خروج الناس فليصرمن نخلهم ولم يستثنوا ، يعني لم يقولوا : إن شاء الله ، فغدا القوم بسدفة من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج
__________________
(١) تصحف في المطبوع «الحسين الهمداني».
(٢) في المطبوع «العوفي» وهو خطأ.
(٣) في المطبوع «تطيعه».
(٤) في المطبوع «سب».
(٥) سقط من المطبوع.
(٦) تصحف في المطبوع «على».