ثم إن هذا
العلم بالتوحيد هو التوحيد العقلي لا الإيمان الشرعي ؛ لأن الإيمان إنما يتعلّق
بالشارع ، وأمره ؛ فهذا العالم ؛ ليشفع فيه العليم الخبير بحاله فلا يخلده في
النار ، ويكون آخر أمره الجنة إن لم يأت بما ينافي أصول الشرائع ، وكان حاله على
حال الفطرة الأصلية.
فأهل الفترات ،
والذين في شواهق الجبال ، وأقطار الأرض وغيرهم ممن لم يبلغه الدعوة ، ولم يصدر منه
ما يخالف أصول الشرائع ؛ فكلهم من أهل التوحيد العلمي ، والتصديق العقلي ، يشفع
فيهم الاسم الرحمن ؛ فيدخلون الجنة ، ولو بعد حين ، وذلك فضل عظيم ، وإحسان جسيم
من الله تعالى ؛ لكون رحمته واسعة شاملة لكل شيء خصوصا الذين بقوا على نقاء
سريرتهم ، وصفاء فطرتهم ، فلم يصدر منهم ما يخالف التوحيد ، والأصول المتفق عليها
في جميع الأديان والملل.
__________________