فالظاهر : أنّ حكم المشهور في المقام بالرجوع إلى المطلق وعدم التخيير مبنيّ على ما هو المشهور فتوى ونصّا من ترجيح أحد المتعارضين (١٧٤٢) بالمطلق أو العامّ الموجود في تلك المسألة ، كما يظهر من ملاحظة النصوص والفتاوى. وسيأتي توضيح ما هو الحقّ من المسلكين (١٧٤٣) في باب التعادل والتراجيح إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
الأخبار على الاصول العمليّة ، كما أفاده المصنّف رحمهالله.
فإن قلت : إنّ هذه الدعوى إنّما تتمّ إن كانت أصالة عدم التقييد معتبرة من باب الظنّ النوعي دون التعبّد كما هو الفرض ، لوضوح عدم ارتفاع التحيّر بالامور التعبّدية ، كيف لا ولو صلحت لذلك لصلحت الاصول العمليّة أيضا ، له لكون اعتبارها أيضا من باب التعبّد ، كيف واعتبار المطلقات على المختار ـ وفاقا لسلطان العلماء ـ من باب دليل الحكمة دون الظهور اللفظي كما عزي إلى المشهور ، وليس مقتضاه إلّا نفي القيد المشكوك فيه في مورد الجهل والحيرة.
قلت : إنّ للمطلقات ـ وإن قلنا باعتبارها من باب دليل الحكمة ـ مرتبة وسطى بين سائر الظواهر والاصول العمليّة ، فهي محكومة على الاولى وحاكمة على الثانية ، لأنّ المطلقات من حيث كون سائر الظواهر كاشفة عن المرادات منها فهي محكومة عليها ، ومن حيث إنّ أصالة عدم التقييد وإن اعتبرت في مقام الشكّ ، ولكن اعتبارها لما كان مع قطع النظر عنه كانت حاكمة على الاصول العمليّة.
١٧٤٢. لم يظهر وجه الفرق بين وجود المطلق والاصول العمليّة بناء على ما هو ظاهر المشهور من اعتبارها من باب الظهور النوعي ، إذ بناء عليه يجب الترجيح بها أيضا ، فلا يبقى مورد حينئذ لأخبار التخيير إلّا فيما كان كلّ من المتعارضين مخالفا للأصل. وقول المصنّف رحمهالله بعدم كون الاصول مرجّحة ـ كما سيجيء في محلّه ـ إنّما هو لأجل قوله باعتبارها من باب التعبّد.
١٧٤٣. من كون الاصول اللفظيّة مرجعا أو مرجّحا.