وجود الدليل الشرعيّ في تلك الواقعة ، وأنّها مسوّقة لبيان (١٧٤١) عدم جواز طرح قول الشارع في تلك الواقعة والرجوع إلى الاصول العقليّة والنقليّة المقرّرة لحكم صورة فقدان قول الشارع فيها ، والمفروض وجود قول الشارع هنا ولو بضميمة أصالة الإطلاق المتعبّد بها عند الشكّ في المقيّد.
والفرق بين هذا الأصل وبين تلك الاصول الممنوع في هذه الأخبار عن الرجوع إليها وترك المتكافئين : هو أنّ تلك الاصول عمليّة فرعيّة مقرّرة لبيان العمل في المسألة الفرعيّة عند فقد الدليل الشرعيّ فيها ، وهذا الأصل مقرّر لإثبات كون الشيء وهو المطلق دليلا وحجّة عند فقد ما يدلّ على عدم ذلك ، فالتخيير مع جريان هذا الأصل تخيير مع وجود الدليل الشرعيّ المعيّن لحكم المسألة المتعارض فيها النصّان بخلاف التخيير مع جريان تلك الاصول ؛ فإنّه تخيير بين المتكافئين عند فقد دليل ثالث في موردهما.
هذا ، ولكنّ الإنصاف : أنّ أخبار التخيير حاكمة على هذا الأصل وإن كان جاريا في المسألة الاصوليّة ، كما أنّها حاكمة على تلك الاصول الجارية في المسألة الفرعيّة ؛ لأنّ مؤدّاها بيان حجّية أحد المتعارضين كمؤدّى أدلّة حجّية الأخبار ، ومن المعلوم حكومتها على مثل هذا الأصل ، فهي دالّة على مسألة اصوليّة ، وليس مضمونها حكما عمليّا صرفا. فلا فرق بين أن يرد في مورد هذا الدليل المطلق : «اعمل بالخبر الفلاني المقيّد لهذا المطلق» وبين قوله : «اعمل بأحد هذين المقيّد أحدهما له».
______________________________________________________
١٧٤١. حاصله : أنّ أخبار التخيير منساقة لبيان حكم المتحيّر عند عدم الدليل الشرعيّ على حكم الواقعة ، ولا ريب في ارتفاع موضوع التحيّر مع وجود الدليل المطلق على حكم الواقعة ، لكون المطلق بضميمة أصالة عدم التقييد دليلا على حكم الواقعة ورافعا للتحيّر عن حكمها ، بخلاف ما لو لم يكن هنا دليل لفظي ووجب الرجوع إلى الاصول العمليّة ، فإنّها غير صالحة لذلك ، لأنّها مجعولة لبيان حكم المتحيّر والجاهل بحكم الواقعة في مقام العمل ، فلا تصلح لرفع التحيّر والجهل. ومن هنا كانت أصالة عدم التقييد حاكمة على أخبار التخيير ، وهذه