وهذا الفرض خارج عن موضوع المسألة ؛ لأنّها ـ كأمثالها من مسائل هذا المقصد ـ مفروضة فيما إذا لم يكن هناك دليل اجتهادي سليم عن المعارض متكفّلا لحكم المسألة حتّى تكون موردا للاصول العمليّة.
فإن قلت : فأيّ فرق بين وجود هذا المطلق وعدمه؟ وما المانع من الحكم بالتخيير هنا ، كما لو لم يكن مطلق؟ فإنّ حكم المتكافئين (١٧٣٩) إن كان هو التساقط ، حتّى أنّ المقيّد المبتلى بمثله بمنزلة العدم فيبقى المطلق سالما ، كان اللازم في صورة عدم وجود المطلق التي حكم فيها بالتخيير هو التساقط والرجوع إلى الاصل المؤسّس فيما لا نصّ فيه : من البراءة أو الاحتياط على الخلاف. وإن كان حكمهما التخيير ـ كما هو المشهور نصّا وفتوى ـ كان اللازم عند تعارض المقيّد للمطلق الموجود بمثله ، الحكم بالتخيير هاهنا ، لا تعيين الرجوع إلى المطلق الذي هو بمنزلة تعيين العمل بالخبر المعارض للمقيّد.
قلت : أمّا لو قلنا بأنّ المتعارضين مع وجود المطلق غير متكافئين ، لأنّ موافقة أحدهما للمطلق الموجود مرجّح له فيؤخذ به ويطرح الآخر ، فلا إشكال في الحكم وفي خروج مورده عن محلّ الكلام.
وإن قلنا : إنّهما متكافئان ، والمطلق مرجع ، لا مرجّح ـ نظرا إلى كون أصالة عدم التقييد تعبّديا ، لا من باب الظهور النوعي ـ فوجه عدم شمول أخبار التخيير لهذا القسم من المتكافئين : دعوى ظهور اختصاص (١٧٤٠) تلك الأخبار بصورة عدم
______________________________________________________
إلى كلّ من الوجهين ـ أعني : كون المطلق مرجعا أو مرجّحا ـ في الجواب عن السؤال الذي أورده على نفسه.
١٧٣٩. إنّما لم يذكر في حكم المتعارضين احتمال تقديم الموافق للأصل أو المخالف له ، كما اشتهر من مسألة المقرّر والناقل ، لأنّه مع الترجيح بالأصل الموافق أو المخالف يخرج المتعارضان من كونهما متكافئين ، كما هو موضوع الكلام في المقام ، ولذا صرّح في الجواب أيضا بخروج فرض كون المطلق مرجّحا لأحدهما من محلّ النزاع.
١٧٤٠. لا يذهب عليك أنّ دعوى عدم شمول أخبار التخيير لما نحن فيه